لقي وروى أبو بكر عن عاصم أنه قرأ يخرجون على البناء للمفعول من الاخراج * (سراعا) * أي مسرعين وهو حال من مرفوع يخرجون وهو جمع سريع كظريف وظراف * (كأنهم إلى نصب) * وهو ما نصب فعبد من دون الله عز وجل وعده غير واحد مفردا وأنشد قول الأعشى: وذا النصب المنصوب لا تنسكنه * لعاقبة والله ربك فاعبدا وقال بعضهم هو جمع نصاب ككتاب وكتب وقال الأخفش جمع نصب كرهن ورهن والانصاب جمع الجمع وقرأ الجمهور نصب بفتح النون وسكون الصاد وهو اسم مفرد فقيل الصنم المنصوب للعبادة أو العلم المنصوب على الطريق ليهتدي به السالك وقال أبو عمر وهو شبكة يقع فيها الصيد فيسارع إليها صاحبها مخافة أن يتفلت الصيد وقيل ما ينصب علامة لنزول الملك وسيره وقرأ أبو عمران الحوفي ومجاهد نصب بفتح النون والصاد فعل بمعنى مفعول وقرأ الحسن وقتادة نصب بضم النون وسكون الصاد على أنه تخفيف نصب بضمتين أو جمع نصب بفتحتين كولد وولد * (يوفضون) * أي يسرعون وأصل الايفاض كما قال الراغب أن يعد ومن عليه الوفضة وهي الكنانة فتخشخش عليه ثم استعمل في الإسراع وقيل هو مطلق الانطلاق وروي عن الضحاك والأكثرون على الأول والمراد أنهم يخرجون مسارعين إلى الداعي يسبق بعضهم بعضا والإسراع في السير إلى المعبودات الباطلة كان عادة للمشركين وقد رأينا كثيرا من إخوانهم الذين يعبدون توابيت الأئمة ونحوهم رضي الله تعالى عنهم كذلك وكذا عادة من ضل الطريق أن يسرع إلى أعلامها وعادة الجند أن يسرعوا نحو منزل الملك.
* (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذى كانوا يوعدون) * * (خاشعة أبصارهم) * لعظم ما تحققوه ووصفت أبصارهم بالخشوع مع أنه وصف الكل لغاية ظهور آثاره فيها * (ترهقهم) * تغشاهم * (ذلة) * شديدة * (ذلك) * الذي ذكر ما سيقع فيه من الأحوال الهائلة * (اليوم الذي كانوا يوعدون) * أي في الدنيا واسم الإشارة مبتدأ واليوم خبر والموصول صفته والجملة بعده صلته والعائد محذوف أي يوعدونه وقرأ عبد الرحمن بن خلاذ عن داود بن سالم عن يعقوب والحسن بن عبد الرحمن عن التمار ذلة بغير تنوين مضافا إلى ذلك اليوم بالجر هذا واعلم أن بعض المتصوفة في هذا الزمان ذكر في شأن هذا اليوم الذي أخبر الله تعالى ان مقداره خمسون ألف سنة أن المراتب أربع الملك والملكوت والجبروت واللاهوت وكل مرتبة عليا محيطة بالسفلى وأعلى منها بعشر درجات لأنها تمام المرتبة لأن الله تعالى خلق الأشياء من عشر قبضات يعني من سر عشر مراتب الافلاك التسعة والعناصر في كل عالم بحسبه ولذا ترتبت مراتب الاعداد على الأربع والألف منتهى المراتب وأقصى الغايات ولما كانت النسبة إلى الرب أي إلى وجهة الحق هي الغاية القصوى بالنسبة إلى ما عداها أن إلى ربك المنتهى كان اليوم الواحد المنسوب إليه ألفا ولذا كان اليوم الربوبي ألف سنة كما قال سبحانه وان يوما عند ربك كالف سنة مما تعدون فإذا ترقى الكون واقتضت الحكمة ظهور النشأة الأخرى وبروز آثار الاسم الأعظم في مقام الألوهية في رتبة الجامع ظهر الكون والأكوان والمكونات في محشر واحد على مراتبها في الأعيان فظهر سر النون من كلمة كن لظهور فيكون فظهر الخمسون في العود كما نزل في البدء وهو قوله سبحانه كما بدأكم تعودون فكان اليوم الواحد عند ظهور الاسم الأعظم في الجهة الجامعة خمسين ألف سنة فالألف لترقي الواحد ولما كانت المراتب خمسين كان خمسين ألفا والخمسون تفاصيل ظهور اسم الرب عند ظهور اسم الله في عالم الأمر الذي هو أول مراتب التفصيل في قوله تعالى كن وكان أول ظهور التفصيل خمسين لأن التوحيد الظاهر في النقطة والألف والحروف والكلمة التامة والدلالة التي هي تمام الخمسة إنما كانت