تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٦٢
الناس في عالم التمثيل أكفاء * أبوهم آدم والأم حواء وجوز أن يكون المراد هنا أنا خلقنا كل واحد منكم من أب وأم، ويبعده عدم ظهور ترتب ذم التفاخر بالنسب عليه والكلام مساق له كما ينبىء عنه ما بعد، وقيل: هو تقرير للأخوة المانعة عن الاغتياب وعدم ظهور الترتب عليه على حاله مع أن ملاءمة ما بعد له دون ملاءمته للوجه السابق لكن وجه تقريره للأخوة ظاهر.
* (وجعلناكم شعوبا وقبائل) * الشعوب جمع شعب بفتح الشين وسكون العين وهم الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد، وهو يجمع القبائل، والقبيلة تجمع العمائر، والعمارة بفتح العين وقد تكسر تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل، فخزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصى بطن وهاشم فخذ والعباس فضيلة؛ وسميت الشعوب لأن القبائل تشعبت منها، وهذا هو الذي عليه أكثر أهل النسب واللغة، ونظم ذلك بعض الأدباء فقال: قبيلة فوقها شعب وبعدهما * عمارة ثم بطن تلوه فخذ وليس يؤوي الفتى إلا فصيلته * ولا سداد لسهم ماله قذذ وذكر بعضهم العشيرة بعد الفصيلة فقال: اقصد الشعب فهو أكثر حي * عددا في الحساب ثم القبيلة ثم يتلوهما العمارة ثم البطن * ثم الفخذ وبعد الفصيلة ثم من بعدها العشيرة لكن * هي في جنب ما ذكرنا قليله وحكى أبو عبيد عن ابن الكلبي عن أبيه تقديم الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم الفخذ فأقام الفصيلة مقام العمارة والعمارة مقام الفصيلة في ذكرها قبل الفخذ ولم يذكر ما يخالفه، وقيل: الشعوب في العجم والقبائل في العرب والأسباط في بني إسرائيل، وأيد كون الشعوب في العجم ما في حديث مسروق أن رجلا من الشعوب أسلم فكانت تؤخذ منه الجزية؛ فإن الشعوب فيه فسرت بالعجم لكن قيل: وجهه على ما تقدم أن الشعب ما تشعب منه قبائل العرب والعجم فخص بأحدهما، ويجوز أن يكون جمع الشعوبي وهو الذي يصغر شأن العرب ولا يرى لهم فضلا على غيرهم كيهود ومجوس في جمع المجوسي واليهودي، ومنهم أبو عبيدة وكان خارجيا وقد ألف كتابا في مثالب العرب، وابن غرسية وله رسالة فصيحة في تفضيل العجم على العرب، وقد رد عليه علماء الأندلس برسائل عديدة.
وقيل: الشعوب عرب اليمن من قحطان والقبائل ربيعة ومضر وسائر عدنان، وقال قتادة. ومجاهد. والضحاك: الشعب النسب الأبعد والقبيلة الأقرب، وقيل: الشعوب الموالي والقبائل العرب، وقال أبو روق: الشعوب الذين ينتسبون إلى المدائن والقرى والقبائل العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم * (لتعارفوا) * علة للجعل أي جعلناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضا فتصلوا الأرحام وتبينوا الأنساب والتوارث لا لتفاخروا بالآباء والقبائل، والحصر مأخوذ من التخصيص بالذكر والسكوت في معرض البيان. وقرأ الأعمش * (لتتعارفوا) * بتاءين على الأصل، ومجاهد. وابن كثير في رواية. وابن محيصن بإدغام التاء في التاء، وابن عباس. وأبان عن عاصم * (لتعرفوا) * بكسر الراء مضارع عرف، قال ابن جني: والمفعول محذوف أي لتعرفوا ما أنتم محتاجون إليه كقوله: وما علم الإنسان إلا ليعلما أي ليعلم ما علمه وما أعذب هذا الحذف وما أغربه لمن يعرف مذهبه.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»