حجاب) * فهو خطاب إلهي يلقيه على السمع لا على القلب فيدركه من ألقي إليه فيفهم منه ما قصده من يسمعه ذلك وقد يحصل له ذلك في صورة التجلي فتخاطبه تلك الصورة وهي عين الحجاب فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه ويعلم أن ذلك حجاب وأن المتكلم من وراء ذلك الحجاب وكل من أدرك صورة التجلي الإلهي يعلم أن ذلك هو الله تعالى فما يزيد صاحب هذا الحال على غيره إلا بمعرفته أن المخاطب له من وراء الحجاب.
وأما قوله تعالى: * (أو يرسل رسولا) * (الشورى: 51) فهو ما ينزل به الملك أو ما يجىء به الرسول البشرى إلينا إذا نقلا كلام الله تعالى خاصة كالتالين فإن نقلا علما وجداه في أنفسهما وأفصحا عنه فذلك ليس بكلام إلهي، ومن الأولياء من يعطي الترجمة عن الله سبحانه في حال الإلقاء والوحي الخاص بكل إنسان فيكون المترجم موجدا لصور الحروف اللفظية أو المرقومة ويكون روح تلك الصور كلام الله عز وجل لا غير، وقد يقول الولي: حدثني قلبي عن ربي يعني به من الوجه الخاص فاعلم ذلك وتأمل ما قررته لك فإنه نفيس والله تعالى يتولى هداك، وله قدس سره كلام كثير في هذا المقام تركناه خوف الإطالة، ولعل فيما ذكرناه كفاية لذوي الأفهام * (وكذلك أوحينا إليك ورحا من أمرنا) * وهو ما به الحياة الطيبة الأبدية * (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) * قبل الإيحاء.
قيل: أشير بهذا الإيحاء إلى الإيحاء في هذه النشأة وكان له صلى الله عليه وسلم في كل حال من أحواله فيها نوع من الوحي والدراية المنفية إذ كان عليه الصلاة والسلام في كينونته قبل إخراجه منها بتجلي كينونته عز وجل وإلا فهو صلى الله عليه وسلم نبي ولا آدم ولا ماء ولا طين ولا يعقل نبي بدون إيحاء * (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) * (الشورى: 52) وهو التوحيد السليم من زوايا الأغيار ويشير إلى ذلك قوله تعالى: * (ألا إلى الله تصير الأمور) * (الشورى: 53) تمت السورة بتوفيق الله عز وجل والصلاة والسلام على أول نور أشرق من شمس الأزل وبها والحمد لله تعالى.
سورة الزخرف مكية كما روي عن ابن عباس وحكى ابن عباس إجماع أهل العلم على ذلك ولم ينقل استثناء، وقال مقاتل: ألا قوله تعالى: * (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) * (الزخرف: 45) فإنها نزلت ببيت المقدس كذا في " مجمع البيان "، وفي الإتقان نزلت بالسماء، وقيل: بالمدينة، وعدد آيها ثمان وثمانون في الشامي وتسع وثمانون في غيره، ووجه مناسبة مفتتحها لمختتم ما قبلها ظاهر.
* (حم) *.
* (حم) * الكلام فيه على نحو ما مر في مفتتح يس.
* (والكتابالمبين) *.
* (والكتاب) * أي القرآن والمراد به جميعه، وجوز إرادة جنسه الصادق ببعضه وكله، وقيل: يجوز أن يراد به جنس الكتب المنزلة أو المكتوب في اللوح أو المعنى المصدري وهو الكتابة والخط، وأقسم سبحانه بها لما فيها من عظيم المنافع ولا يخفى ما في ذلك، والأولى على تقدير اسمية * (حم) * كونه اسما للقرآن وأن يراد ذلك أيضا بالكتاب وهو مقسم به إما ابتداء أو عطفا على * (حم) * على تقدير كونه مجرورا بإضمار باء القسم على أن مدار العطف المغايرة في العنوان لكن يلزم على هذا حذف حرف الجر وإبقاء عمله كما في: أشارت كليب بالأكف الأصابع ومنع أن يقسم بشيئين بحرف واحد لا يلتفت إليه ومناط تكرير القسم المبالغة في تأكيد الجملة القسمية * (المبين) * أي المبين لمن أنزل عليهم لكونه بلغتهم وعلى أساليب كلامهم على أنه من أبان اللازم أو المبين لطريق الهدى من طريق الضلالة الموضح لأصول ما يحتاج إليه في أبواب الديانة على أنه من أبان المتعدي.
* (إنا جعلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون) *.