عند الأكثر، ولذا قيل: * (إن) * هنا بمعنى إذ، وأيد بأن علي بن زيد قرأ به وأنه يدل على التعليل فتوافق قراءة الفتح معنى، ولو سلم فالظاهر من حال المسرف المصر على إسرافه بقاؤه على ما هو عليه فيكون محققا في المستقبل أيضا على القول بأنها تقلب كان كغيرها من الأفعال وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة ما قبل عليه، وجوز أن يكون الشرط في موقع الحال أي مفروضا إسرافكم على أنه من الكلام المنصف فلا يحتاج إلى تقدير جواب.
وتعقب بأنه إنما يتأتى على القول بأن إن الوصلية ترد في كلامهم بدون الواو والمعروف في العربية خلافه.
وقوله عز وجل:
* (وكم أرسلنا من نبي فى الاولين * وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به يستهزءون) *.
* (وكم أرسلنا من نبي في الأولين * وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزؤن) * تقرير لما قبله ببيان أن إسراف الأمم السالفة لم يمنعه تعالى من إرسال الأنبياء إليهم وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه به عليه الصلاة والسلام، فقد قيل: البلية إذا عمت طابت، و * (كم) * مفعول * (أرسلنا) * و * (في الأولين) * متعلق به أو صفة * (نبي) * وما يأتيهم الخ للاستمرار وضميره للأولين، وقوله تعالى:
* (فأهلكنآ أشد منهم بطشا ومضى مثل الاولين) *.
* (فأهلكنا أشد منهم بطشا) * نوع آخر من التسلية له صلى الله عليه وسلم، وضمير * (منهم) * يرجع إلى المسرفين المخاطبين لا إلى ما يرجع إليه ضمير * (ما يأتيهم) * لقوله تعالى: * (ومضى مثل الأولين) * أي سلف في القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها أن تسير مسير المثل، ونصب * (بطشا) * على التمييز وجوز كونه على الحال من فاعل * (أهلكنا) * أي باطشين، والأول أحسن، ووصف أولئك بالأشدية لإثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الأولوية، وقوله تعالى:
* (ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن خلقهن العزيز العليم) *.
* (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم) * عطف على الخطاب السابق والآيتان أعني قوله تعالى: * (وكم أرسلنا) * اعتراض لإفادة التقرير والتسلية كما سمعت، والمراد ولئن سألتهم من خلق العالم ليسندن خلقه إلى من هو متصف بهذه الصفات في نفس الأمر لا أنهم يقولون هذه الألفاظ ويصفونه تعالى بما ذكر من الصفات ذكره الزمخشري فيما نسب إليه، وهذا حسن وله نظير عرفا وهو أن واحدا لو أخبرك أن الشيخ قال كذا وعنى بالشيخ شمس الأئمة ثم لقيت شمس الأئمة فقلت: إن فلانا أخبرني أن شمس الأئمة قال: كذا مع أن فلانا لم يجر على لسانه إلا الشيخ ولكنك تذكر ألقابه وأوصافه فكذا ههنا الكفار يقولون: خلقهن الله لا ينكرون ثم أن الله عز وجل ذكر صفاته أي أن الله تعالى الذي يحيلون عليه خلق السموات والأرض من صفته سبحانه كيت وكيت، وقال ابن المنير: إن * (العزيز العليم) * من كلام المسؤولين وما بعد من كلامه سبحانه. وفي " الكشف " لا فرق بين ذلك الوجه وهذا في الحاصل فإنه حكاية كلام عنهم متصل به كلامه تعالى على أنه من تتمته وإن لم يكن قد تفوهوا به، وهذا كما يقول مخاطبك: أكرمني زيد فتقول: الذي أكرمك وحياك أو لجماعة آخرين حاضرين الذي أكرمكم وحياكم فإنك تصل كلامك بكلامه على أنه من تتمته ولكن لا تجعله من مقوله، والأظهر من حيث اللفظ ما ذكره ابن المنير وحينئذ يقع الالتفات في * (فأنشرنا) * (الزخرف: 11) بعد موقعه، ونظير ذلك قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: * (لا يضل ربي ولا ينسى) * إلى قوله تعالى: * (فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى) * (طه: 53) وفي إعادة الفعل في الجواب اعتناء بشأنه ومطابقته للسؤال من حيث المعنى على ما زعم أبو حيان لا من حيث اللفظ قال: لأن من مبتدأ فلو طابق في اللفظ لكان بالاسم مبتدأ دون الفعل بأن يقال: العزيز العليم خلقهن.
* (الذى جعل لكم الارض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون) *.
* (الذي جعل لكم الأرض مهدا) * مكانا ممهدا أي موطأ ومآله بسطها لكم تستقرون فيها