تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٥ - الصفحة ٥٢
* (ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) * إما من تمام كلام المؤمنين ويجري فيه ما سمعت من الأصل ونكتة العدول أو استئناف أخبار منه تعالى تصديقا لذلك.
* (وما كان لهم من أوليآء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل) *.
* (وما كان لهم من أولياء ينصرونهم) * برفع العذاب عنهم * (من دون الله) * حسبما يزعمون * (ومن يضلل الله فما له من سبيل) * إلى الهدي أو النجاة، وقيل: المراد ما له من حجة.
* (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير) *.
* (استجيبوا لربكم) * إذا دعاكم لما به النجاة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم * (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله) * الجار والمجرور أما متعلق بمرد ويعامل اسم لا الشبيه بالمضاف معاملته فيترك تنوينه كما نص عليه ابن مالك في " التسهيل "؛ ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: " لا مانع لما أعطيت " وقوله تعالى: * (لا تثريب عليكم اليوم) * (يوسف: 92) أي لا يرده الله تعالى بعدما حكم به.
ومن لم يرض بذلك قال: هو خبر لمبتدأ محذوف أي ذلك من الله تعالى، والجملة استئناف في جواب سؤال مقدر تقديره ممن ذلك؟ أو حال من الضمير المستتر في الظرف الواقع خبر لا أو متعلق بالنفي أو بما دل عليه كما قيل في قوله تعالى: * (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) * (القلم: 2) وقيل: هو متعلق بيأتي، وتعقب بأنه خلاف المتبادر من اللفظ والمعنى، وقيل: هو مع ذلك قليل الفائدة، وجوز كونه صفة ليوم، وتعقب بأنه ركيك معنى، والظاهر أن المراد بذلك اليوم يوم القيامة لا يوم ورود الموت كما قيل: * (ما لكم من ملجأ يومئذ) * أي ملاذ تلتجئون إليه فتخلصون من العذاب على أن * (ملجأ) * اسم مكان، ويجوز أن يكون مصدرا ميميا * (وما لكم من نكير) * إنكار على أنه مصدر أنكر على غير القياس ونفى ذلك مع قوله تعالى حكاية عنهم: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * تنزيلا لما يقع من إنكارهم منزلة العدم لعدم نفعه وقيام الحجة وشهادة الجوارح عليهم أو يقال أن الأمرين باعتبار تعدد الأحوال والمواقف، وجوز أن يكون * (نكير) * اسم فاعل للمبالغة أي ما لكم منكر لأحوالكم غير مميز لها ليرحمكم وهو كما ترى.
* (فإن أعرضوا فمآ أرسلن‍اك عليهم حفيظا إن عليك إلا البل‍اغ وإنآ إذآ أذقنا الإنس‍ان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنس‍ان كفور) *.
* (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا) * تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد أمرهم بالاستجابة وتوجيه له إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أي فإن لم يستجيبوا وأعرضوا عما تدعوهم إليه فلا تهتم بهم فما أرسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم * (إن عليك) * أي ما عليك * (إلا البلاغ) * لا الحفظ وقد فعلت.
* (واإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة) * أي نعمة من الصحة والغنى والأمن ونحوها * (فرح بها) * أريد بالإنسان الجنس الشامل للجميع وهو حينئذ بمعنى الأناسي أو الناس ولذا جمع ضميره في قوله سبحانه: * (وإن تصبهم) * وليست للاستغراق والجمعية لا تتوقف عليه فكأنه قيل: وإن تصب الناس أو الأناسي * (سيئة) * بلاء من مرض وفقر وخوف وغيرها * (بما قدمت أيديهم) * بسبب ما صدر منهم من السيئات * (فإن الإنسان كفور) * بليغ الكفر ينسى النعمة رأسا ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم أنها أصابته من غير استحقاق لها.
وأل فيه أيضا للجنس، وقيل: هي فيهما للعهد على أن المراد المجرمون، وقيل: هي في الأول للجنس وفي الثاني للعهد، وقال الزمخشري: أراد بالإنسان الجمع لا الواحد لمكان ضمير الجمع ولم يرد إلا المجرمين لأن إصابة السيئة بما قدمت أيديهم إنما يستقيم فهيم، ثم قال: ولم يقل فإنه لكفور ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم كما قال سبحانه: * (إن انسان لظلوم كفار) * (إبراهيم: 34) * (إن الإنسان لربه لكنود) * (الزلزلة: 6) ففهم منه العلامة الطيبي أنها في الأول للعهد
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»