بالعفو والاصلاح من الانتساب إلى السيئة والإفساد كان مقسطا إن الله يحب المقسطين فوضع موضعه * (فأجره على الله) * ومن اشتغل بالمجازاة وانتسب إلى السيئة وأفسد ما في البين وحرم نفسه ذلك الأجر الجزيل كان ظالما نفسه * (إنه لا يحب الظالمين) * فالآية واردة إرشادا للمظلوم إلى مكارم الأخلاق وإيثار طريق المرسلين. وقال: إن قوله تعالى: * (ولمن انتصر بعد ظلمة) * الخ خطاب للولاة والحكام وتعليم فعل ما ينبغي فعله بدليل قوله سبحانه: * (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس) * (الشورى: 42) حيث أعاد السبيل المنكر بالتعريف وعلق به * (يظلمون الناس) * وفسره بقوله تعالى: * (عذاب أليم) * وكذا قوله سبحانه: * (ولمن صبر وغفر) * الخ تعليم لهم أيضا طريق الحكم يعني أن صاحب الحق إذا عدل من الأولى وانتصر من الظالم فلا سبيل لكم عليه لما قد رخص له ذلك وإذا اختار الأفضل فلا سبيل لكم على الظالم لأن عفو المظلوم من عزم الأمور فتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان انتهى، ولا يخفى ما فيه.
وفي " الكشف " أن جعل ما ذكر خطابا للولاة والحكاه يوجب التعقيد في الكلام فالمعول عليه ما قدمناه، وقد جاءت أخبار كثيرة في فضل العافين عمن ظلمهم، أخرج البيهقي في " شعب الايمان " عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال موسى ابن عران عليه الصلاة والسلام يا رب من أعز عبادك عندك؟ قال: من إذا قدر غفر " وأخرج ابن أبي حاتم.