نفس هداها) * (السجدة: 13) اه.
وعلى ما ذكرنا أن الكلام في ابطال قد تم عند قوله تعالى: * (خصمون) * وما بعد لما سمعت قبل وهو أدق وأولى مما ذكره بل ما أشار إليه من أن قوله تعالى: * (ولو نشاء) * الخ لنفي الاعتراض ليس بشيء. وروي أن ابن الزبعرى قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين سمع قوله تعالى: * (إنكم وما تعبدون من دون الله خصب جهنم) * (الأنبياء: 98) أهذا لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم فقال: خصمتك ورب الكعبة أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود عزيرا، وبنو مليح الملائكة؟ فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ففرحوا وضحكوا وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: * (إن الذين سبقت) * الآية أو نزلت هذه الآية، وأنكر بعضهم السكوت، وذكر أن ابن الزبعرى حين قال للنبي عليه الصلاة والسلام: خصمتك رد عليه صلى الله عليه وسلم بقوله ما أجهلك بلغة قومك أما فهمت أن ما لما لا يعقل، وروى محيي السنة في المعالم أن ابن الزبعرى قال له عليه الصلاة والسلام: أنت قلت: * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) *؟ قال: نعم قال: أليست اليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح وبنو مليح يعبدون الملائكة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل هم يعبدون الشيطان فأنزل الله تعالى: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) * (الأنبياء: 101) وهذا أثبت من الخبر الذي قبله. وتعقب ما تقدم في الخبر السابق من سؤال ابن الزبعرى أهذا لنا الخ، وقوله عليه الصلاة والسلام: هو لكم الخ بأنه ليس بثبت.
وذكر من أثبته أنه صلى الله عليه وسلم إنما لم يجب حين سئل عن الخصوص والعموم بالخصوص عملا بما تقتضيه كلمة * (ما) * لأن إخراج المعهودين عن الحكم عند المحاجة موهم للرخصة في عبادتهم في الجملة فعممه عليه الصلاة والسلام للكل لكن لا بطريق عبارة النص بل بطريق الدلالة بجامع الاشتراك في المعبودية من دون الله تعالى ثم بين أنهم بمعزل من أن يكونوا معبوديهم بما جاء في خبر محي السنة من قوله عليه الصلاة والسلام: بل هم يعبدون الشيطان كما نطق به قوله تعالى: * (سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن) * (سبأ: 41) الآية، وقد تقدم ما ينفعك تذكره فتذكر. وفي " الدر المنثور " أخرج الإمام أحمد. وابن أبي حاتم. والطبراني. وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش: إنه ليس أحد يعبد من دون الله تعالى فيه خير فقالوا: ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله تعالى صالحا فإن كنت صادقا فإنه كآلهتنا فأنزل الله سبحانه: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا) * (الزخرف: 57) الخ، والكلام في الآيات على هذه الرواية يعلم مما تقدم بأدنى التفات، وقيل: إن المشركين لما سمعوا قوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) * (آل عمران: 59) قالوا: نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن نعبد الملائكة فنزلت، فالمثل ما في قوله تعالى: * (إن مثل عيسى) * الآية والضارب هو تعالى شأنه أي ولما بين الله سبحانه حاله العجيبة اتخذه قومك ذريعة إلى ترويج ما هم فيه من الباطل بأنه مع كونه مخلوقا بشرا قد عبد فنحن أهدى حيث عبدنا ملائكة مطهرين مكرمين عليه وهو الذي عنوه بقولهم: * (أآلهتنا خير أم هو) * (الزخرف: 58) فأبطل الله تعالى ذلك بأنه مقايسة باطل بباطل وأنهم في اتخاذهم العبد المنعم عليه إلها مبطلون مثلكم في اتخاذ الملائكة وهم عباد مكرمون، ثم قوله سبحانه: * (ولو نشاء لجعلنا منكم) * (الزخرف: 60) دلالة على أن الملائكة عليهم السلام مخلوقون مثله وأنه سبحانه قادر