وذهب طاوس. وإبراهيم النخعي. ومجاهد. وعطاء. وإسحق بن إبراهيم إلى الثاني. فقد روى عن أبي رزين العقيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهل الجنة لا يكون لهم ولد " وفي حديث لقيط الطويل الذي رواه عبد الله بن الإمام أحمد. وأبو بكر بن عمرو. وأبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم. والطبراني. وابن حبان. ومحمد بن إسحق بن منده. وابن مردويه. وأبو نعيم. وجماعة من الحفاظ وتلقاه الأئمة بالقبول وقال فيه ابن منده: لا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة قلت: " يا رسول الله أو لنا فيها - يعني الجنة - أزواج أو منهن مصلحات؟ قال: المصلحات للمصلحين تلذذونهن ويلذذنكم مثل لذاتكم في الدنيا غير أن لا توالد ".
وقال مجاهد. وعطاء قوله تعالى: * (ولهم فيها أزواج مطهرة) * (البقرة: 25) أي مطهرة من الولد والحيض والغائط والبول ونحوها، وقال إسحق بن إبراهيم في حديث أبي سعيد السابق: إنه على معنى إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي ولكن لا يشتهي، وتعقب بأن * (إذا) * لمتحقق الوقوع ولو أريد ما ذكر لقيل. لو اشتهى، وفي حادي الأرواح إسناد حديث أبي سعيد على شرط الصحيح فرجاله يحتج بهم فيه ولكنه غريب جدا.
وقال السفاريني في " البحور الزاخرة " حديث أبي سعيد أجود أسانيده إسناد الترمذي وقد حكم عليه بالغرابة وأنه لا يعرف إلا من حديث أبي الصديق التاجي وقد اضطرب لفظه فتارة يروى عنه إذا اشتهى الولد وتارة أنه يشتهي الولد وتارة أن الرجل ليولد له، وإذا قد تستعمل لمجرد التعليق الأعم من المحقق وغيره، ورجح القول بعدم الولادة بعشرة وجوه مذكورة فيها، وأنا أختار القول بالولادة كما نطق بها حديث أبي سعيد وقد قال فيه الأستاذ أبو سهل فيما نقله الحاكم: إنه لا ينكره إلا أهل الزيغ، وفيه غير إسناد، وليس تكون الولد على الوجه المعهود في الدنيا بل يكون كما نطق به الحديث ومتى كان كذلك فلا يستبعد تكونه من نسيم يخرج وقت الجماع، وزعم أن الولد إنما يخلق من المني فحيث لا مني في الجنة كما جاء في الاخبار لا خلق فيه تعجيز للقدرة، ولا ينافي ذلك ما في خديث لقيط لأن المراد هناك نفي التوالد المعهود في الدنيا كما يشير إليه وقوع غير أن لا توالد بعد قوله عليه الصلاة والسلام: مثل لذاتكم في الدنيا، ويقال نحو ذلك في حديث أبي رزين جمعا بين الأخبار، ثم إن التوالد ليس على سبيل الاستمرار بل هو تابع للاشتهاء ولا يلزم استمراره فالقول بأنه إن استمر لزم وجود أشخاص لا نهاية لها وإن انقطع لزم انقطاع نوع من لذة أهل الجنة ليس بشيء، وما قيل: إنه قد ثبت في " الصحيح " أنه صلى الله عليه وسلم قال: " يبقى في الجنة فضل فينشى الله تعالى لها خلقا يسكنهم إياها " ولو كان في الجنة إيلاد لكان الفضل لأولادهم الملازمة فيه ممنوعة لجواز أن يقال من يشتهي الولد يشتهي أن يكون معه في منزله، والقول بأن التوالد في الدنيا لحكمة بقاء النوع وهو باق في الجنة بدون توالد فيكون عبثا يرد عليه أنه ما المانع من أن يكون هناك للذة ونحوها كالأكل والشرب فإنهما في الدنيا لشيء وفي الجنة لشيء آخر، وبالجملة ما ذكر لترجيح عدم الولادة من الوجوه مما لا يخفى حاله على من له ذهن وجيه.
وقرأ غير واحد من السبعة وغيرهم * (ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين) * بحذف الضمير العائد على * (ما) * من الجملتين المتعاطفتين، وفي مصحف عبد الله * (ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين) * بالضمير فيهما، والقراءة به في الأول دون الثانية لأبي جعفر. وشيبة. ونافع. وابن عامر. وحفص * (وأنتم فيها) * أي في الجنة، وقيل: في الملاذ