* (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر) * (فصلت: 37) * (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة) * (فصلت: 39) الخ، وما تقدم أوفق بقوله سبحانه: * (وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) * وبما بعد، والآية على تفسير مجاهد أوفق وأوفق.
والمراد بقوله تعالى: * (لا يخفون علينا) * مجازاتهم على الإلحاد فالآية وعيد لهم وتهديد، وقوله تعالى: * (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي ءامنا يوم القيامة) * تنبيه على كيفية الجزاء، وكان الظاهر أن يقابل الإلقاء في النار بدخول الجنة لكنه عدل عنه إلى ما في النظم الجليل اعتناء بشأن المؤمنين لأن الأمن من العذاب أعم وأهم ولذا عبر في الأول بالإلقاء الدال على القسر والقهر وفيه بالإتيان الدال على أنه بالاختيار والرضا مع الامن ودخول الجنة لا ينفي أن يبدل حالهم من بعد خوفهم أمنا، وجوز أن تكون الآية من الاحتبارك بتقدير من يأتي خائفا ويلقى في النار ومن يأتي آمنا ويدخل الجنة فحذف من الأول مقابل الثاني ومن الثاني مقابل الأول وفيه بعد. والآية كما قال ابن بحر عامة في كل كافر ومؤمن.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس * (أفمن يلقى في النار) * أبو جهل * (أم من يأتي آمنا) * أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وأخرج عبد الرزاق. وغيره عن بشير بن تميم من يلقى في النار أبو جهل ومن يأتي آمنا عمار. والآية نزلت فيهما، وقال مقاتل: نزلت في أبي جهل وعثمان بن عفان، وقيل: فيه وفي عمر، وقيل: فيه وفي حمزة، وقال الكلبي: فيه وفي الرسول صلى الله عليه وسلم * (اعملوا ما شئتم) * تهديد شديد للكفرة الملحدين الذين يلقون في النار وليس المقصود حقيقة الأمر * (إنه بما تعلمون بصير) * فيجازيكم بحسب أعمالكم.
* (إن الذين كفروا بالذكر لما جآءهم وإنه لكتابعزيز) *.
* (إن الذين كفروا بالذكر) * وهو القرآن * (لما جاءهم) * من غير أن يمضي عليهم زمان يتأملون فيه ويتفكرون * (وإنه لكتاب عزيز) * لا يوجد نظيره أو منيع لا تتأتى معارضته، وأصل العز حالة مانعة للإنسان عن أن يغلب، وإطلاقه على عدم النظير مجاز مشهور وكذا كونه منيعا، وقيل: غالب للكتب لنسخه إياها. وعن ابن عباس أي كريم على الله تعالى؛ والجملة حالية مفيدة لغاية شناعة الكفر به، وقوله تعالى:
* (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) *.
* (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) * صفة أخرى لكتاب، وما بين يديه وما خلفه كناية عن جميع الجهات كالصباح والمساء كناية عن الزمان كله أي لا يتطرق إليه الباطل من جميع جهاته، وفيه تمثيل لتشبيهه بشخص حمى من جميع جهاته فلا يمكن أعداءه الوصول إليه لأنه في حصن حصين من حماية الحق المبين، وجوز أن يكون المعنى لا يأتيه الباطل من جهة ما أخبر به من الأخبار الماضية والأمور الآتية.
وقيل: الباطل بمعنى المبطل كوارس بمعنى مورس أو هو مصدر كالعافية بمعنى مبطل أيضا؛ وقوله تعالى: * (تنزيل من حكيم حميد) * أي محمود على ما أسدي من النعم التي منها تنزيل الكتاب، وحمده سبحانه: بلسان الحال متحقق من كل منعم عليه وبلسان القال متحقق ممن وفق لذلك خبر مبتدأ محذوف أو صفة أخرى لكتاب مفيدة لفخامته الإضافية كما أن الصفتين السابقتين مفيدتان لفخامته الذاتية.
وقوله تعالى: * (لا يأتيه) * الخ اعتراض عند من لا يجوز تقديم غير الصريح من الصفات على الصريح كل ذلك لتأكيد بطلان الكفر بالقرآن، واختلفوا في خبر * (إن) * أمذكور هو أو محذوف