جدث بفتحتين، وقرىء بالفاء بدل الثاء والمعنى واحد * (إلى ربهم) * مالك أمرهم * (ينسلون) * يسرعون بطريق الأجبار لقوله تعالى: * (لدينا محضرون) * (يس: 32) قيل: وذكر الرب للإشارة إلى إسراعهم بعد الإساءة إلى من أحسن إليهم حين اضطروا إليه، ولا منافاة بين هذه الآية وقوله تعالى: * (فإذا هم قيام ينظرون) * (الزمر: 68) لجواز اجتماع القيام والنظر والمشي أو لتقارب زمان القيام ناظرين وزمان الإسراع في المشي. وقرأ ابن أبي إسحق. وأبو عمرو بخلاف عنه بضم السين.
* (قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون) *.
* (قالوا) * أي في ابتداء بعثهم من القبور * (يا ويلنا) * أي هلاكنا أحضر فهذا أوانك وقيل أي يا قومنا أنظروا ويلنا وتعجبوا منه. وعلى حذف المنادي قيل وي كلمة تعجب ولنا بيان ونسب للكوفيين وليس بشيء.
وقرأ ابن أبي ليلى يا ويلتنا بتاء التأنيث، وعنه أيضا * (يا ويلتي) * بتاء بعدها ألف بدل من ياء الإضافة، والمراد أن كل واحد منهم يقول يا ويلتي * (من بعثنا من مرقدنا) * أي رقادنا على أنه مصدر ميمي أو محل رقادنا على أنه اسم مكان ويراد بالمفرد الجمع أي مراقدنا، وفيه تشبيه الموت بالرقاد من حيث عدم ظهور الفعل والاستراحة من الأفعال الاختيارية، ويجوز أن يكون المرقد على حقيقته والقوم لاختلاط عقولهم ظنوا أنهم كانوا نياما ولم يكن لهم ءدراك لعذاب القبر لذلك فاستفهموا عن موقظهم، وقيل سموا ذلك مرقدا مع علمهم بما كانوا يقاسون فيه من العذاب لعظم ما شاهدواه فكأن ذلك مرقد بالنسبة إليه فقد روي أنهم إذا عاينوا جهنم وما فيها من ألوان العذاب يرون ما كانوا فيه مثل النوم في جبنها فيقولون ذلك.
وأخرج الفريابي. وعبد بن حميد. وابن جرير وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه قال: ينامون قبل البعث نومة، وأخرج هؤلاء ما عدا ابن جرير عن مجاهد قال: للكفار هجعة يجدون فيها طعم النون قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور يقولون * (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا) * وروي عن ابن عباس أن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون فإذا بعثوا بالنفخة الثانية وشاهدوا الأهوال قالوا: ذلك.
وفي البحر أن هذا غير صحيح الإسناد واختار أن المرقد استعارة عن مضجع الموت.
وقرأ أمير المؤمنين علي. وابن عباس. والضحاك. وأبو نهيك * (من بعثنا) * بمن الجارة والمصدر المجرور وهو متعلق بويل أو بمحذوف وقع حالا منه. ونحوه في الخبر. ويلي عليك وويلي منك يا رجل. ومن الثانية متعلق ببعث.
وعن ابن مسعود أنه قرأ * (من أهبنا) * بمن الاستفهامية وأهب بالهمزة من هب من نومه إذا انتبه وأهببته أنا أي أنبهته.
وعن أبي أنه قرأ * (هبنا) * بلا همز قال ابن جنى: وقراءة ابن مسعود أقيس فهبني بمعنى أيقظني لم أر لها أصلا ولا مر بنا في اللغة مهبوب بمعنى موقظ اللهم إلا أن يكون حرف الجر محذوفا أي هب بنا أي أيقظنا ثم حذف وأوصل الفعل، وليس المعنى على من هب فهببنا معه وإنما معناه من أيظنا، وقال البيضاوي: هبنا بدون الهمة بمعنى أهبنا بالهمز، وقرىء * (من هبنا) * بمن الجارة والمصدر من هب يهب * (هذا م وعد الرحمان) * جملة من مبتدأ وخبر * (وصدق المرسلون) * عطف على ما في حيز ما، وعطفه على الجملة الاسمية أو جعله حالا بتقدير قد بدونه خلاف الظاهر، وما موصولة محذوفة العائد أي هذا الذي وعده الرحمن والذي صدقه المرسلون أي صدق فيه من قولهم صدقت زيدا الحديث أي صدقته فيه ومنه قولهم صدقني سن بكره أو مصدرية أي هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق، وهو على ما قيل جواب