وتماسكهم في الفلك أعجب، وقيل: تطلق الذرية على الآباء وعلى الابناء قاله أبو عثمان. وتعقبه ابن عطية بأنه تخليط لا يعرف في اللغة، وقيل: الذرية النطف والفلك المشحون بطون النساء ذكره الماوردي ونسب إلى علي كرم الله تعالى وجهه، والظاهر أنه لم يصح ذلك عنه رضي الله تعالى عنه وفي الآية ما يبعده وهو أشبه شيء بتأويلات الباطنية، والمراد بالفلك جنسه والوصف بالمشحون أقوى في الامتنان بسلامتهم فيه، وقيل: لأنه أبعد من الخطر، وإرادة الجنس مروية عن ابن عباس. ومجاهد. والسدى [بم وفسر ما في قوله تعالى:
* (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) *.
* (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) * عليه بالابل فإنها سفائن البر لكثرة ما تحمل وقلة كلالها في المسير، واطلاق السفائن عليها شائع كما قيل: سفائن بر والسراب بحارها وروي ذلك عن الحسن وعبد الله بن سداد، وفسره مجاهد بالأنعام الإبل وغيرها، وعن أبي مالك وأبي صالح وغيرهما وهي رواية عن ابن عباس أيضا أن المراد بالفلك سفينة نوح عليه السلام على أن التعريف للعهد فما عبارة عما سمعت أيضا عند بعض وعند آخرين هي السفن والزوارق التي كانت بعد تلك السفينة. واستشكل حمل ذريتهم في سفينة نوح عليه السلام. وأجيب بأن ذلك يحمل آبائهم الأقدمين وفي أصلابهم هؤلاء وذريتهم، وتخصيص الذرية مع أنهم محمولون بالتبع لأنه أبلغ في الامتنان حيث تضمن بقاء عقبهم وادخل في التعجب ظاهرا حيث تضمن حمل ما لا يكاد يحصى كثرة في سفينة واحدة مع الإيجاز لأنه كان الظاهر أن يقال حملتاهم ومن معهم ليبقى نسلهم فذكر الذرية يدل على بقاء النسل وهو يستلزم سلامة أصولهم فدل بلفظ قليل على معنى كثير، وقال الإمام: يحتمل عندي أن التخصيص لأن الموجودين كانوا كفارا لا فائدة في وجودهم أي لم يكن الحمل حملا لهم وإنما كان حملا لما في أصلابهم من المؤمنين، وقيل: الكلام على حذف مضاف أي حملنا ذريات جنسهم وهو كما ترى، وقيل: ضمير * (لهم) * لأهل مكة وضمير * (ذريتهم) * للقرون الماضية الذين هم منهم وحكى ذلك عن علي بن سليمان وليس بشيء، وجوز الإمام كون الضميرين للعباد في قوله تعالى: * (يا حسرة على العباد) * (يس: 30) ولا يكون المراد في كل أشخاصا معينين بل ذلك على نحو هؤلاء القوم هم قتلوا أنفسهم على معنى قتل بعضهم بعضا فالمعنى آية لكل بعض منهم أنا حملنا ذرية كل بعض منهم أو ذرية بعض منهم وفيه من البعد ما فيه، ورجح تفسير * (ما) * بالإبل ونحوها من الأنعام دون السفن بأن المتبادر من الخلق الإنشاء والاختراع فيبعد أن يتعلق بما هو مصنوع العباد. وتعقب بأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى عند أهل الحق وتبادر الإنشاء ممنوع وعليه يكون في الآية رد على المعتزلة كما قيل في قوله تعالى: * (والله خلقكم وما تعملون) * (على تقدير كون ما موصولة، و * (من) * تحتمل أن تكون للبيان وأن تكون للتبعيض؛ وجوز زيادتها على نظر الأخفش ورأيه، والظاهر أن ضمير * (لهم) * الثاني عائد على ما عاد عليه ضمير الأول، وجوز عوده على الذرية، وجوز أيضا عود ضمير * (مثله) * على معلوم غير مذكور تقديره من مثل ما ذكرنا من المخلوقات في قوله سبحانه: * (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مم تنبت الأرض) * (يس: 33) وهو أبعد من العيوق، وأيا ما كان فلا يخفى مناسبة هذه الآية لقوله تعالى: * (كل في فلك يسبحون) * (يس: 40) وإنما لم يؤت بها على أسلوب إخواتها بأن يقال وآية لهم الفلك حملنا ذريتهم فيه كما قال سبحانه: * (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها) * (يس: 33) * (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) * (يس: 37) لأنه ليس الفلك نفسه عجبا وإنما حملهم فيه هو العجب، وقرأ نافع. وابن عامر. والأعمش. وزيد بن علي. وأبان بن عثمان * (ذرياتهم) * بالجمع، وكسر زيد. وأبان الذال.
* (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون) *.
* (وان نشأ) * اغراقهم * (نغرقهم) * في الماء مع ما حملناهم فيه من الفلك وما يركبون