فيه الواو والياء ثم قيل لسيما الجمال والخير خال من ذلك وأخذ منه الخيال وأما الاختيال بمعنى التكبر فهو مأخوذ من الخيال لأنه خال نفسه فوق قدره أو جعل لنفسه خال الخير كما يقال: أعجب الرجل فقد وضح أن الاشتقاق يناسبهما ولا ينكر ثبوت الياء بدليل الخيلاء لكن لا مانع من ثبوت الياء أيضا وليس الاختيال مأخوذا من الخيلاء بل الخيلاء هو الاسم منه فلا يصلح مانعا لكن يصلح مثبتا للياء، وعن الثاني بأنه ليس المراد أن خول مضعف خال بمعنى افتخر حتى يشكل تعديته للمفعول الثاني بل أنه موضوع في اللغة لمعنى أعطى وما ذكر بيان لما أخذ اشتقاقه وأصل معناه الملاحظ في وضعه له ومثله كثير فاصل خوله جعله مفتخرا بما أنعم عليه ثم قطع النظر عنه وصار بمعنى أعطاه مطلقا * (نسى ما كان يدعوا إليه) * أي نسي الضر الذي كان يدعو الله تعالى إلى إزالته وكشفه * (من قبل) * التخويل فما واقعة على الضر ودعا من الدعوة وهو يتعدى بإلى يقال دعا المؤذن الناس إلى الصلاة ودعا فلان الناس إلى مأدبته والدعوة مجاز عن الدعاء، والمعنى على اعتبار المضاف كما أشير إليه، ويجوز أن يراد بما معنى من للدلالة على الوصفية والتفخيم واقعا عليه تعالى كما في قوله تعالى: * (وما خلق الذكر والأنثى) * (الليل: 3) وقوله سبحانه: * (ولا أنتم عابدون ما أعبد) * (الكافرون: 3) والدعاء على ظاهره وتعديته بإلى لتضمينه معنى الإنابة أو التضرع والابتهال، والمعنى نسى ربه الذي كان يدعو منيبا أو متضرعا إليه وهو وجه لا بأس به، وما قيل من أنه تكلف إذ لا يقال دعا إليه بمعنى دعاه ولا حاجة إلى جعل ما بمعنى من مردود لحسن موقف التضمين واستعمال ما في مقام التفخيم. وفي الإرشاد أن في ذلك الجعل إيذانا بأن نسيانه بلغ إلى حيث لا يعرف مدعوه ما هو فضلا من أن يعرفه من هو، وقيل: ما مصدرية أي نسي كونه يدعو، وقيل: هي نافية وتم الكلام عند قوله تعالى * (نسي) * أي نسي ما كان فيه من الضر ثم نفي أن يكون دعاء هذا الكافر خالصا لله تعالى من قبل أي من قبل الضر ولا يخفى ما فيه * (وجعل لله أندادا) * شركاء في العبادة، والظاهر من استعمالاتهم اطلاق الأنداد على الشركاء مطلقا، وفي البحر أندادا أى أمثالا يضاد بعضها ويعارض، قال قتادة: أي الرجال يطيعهم في المعصية، وقال غيره أوثانا * (ليضل) * الناس بذلك * (عن سبيله) * عز وجل الذي هو التوحيد.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو، وعيسى * (ليضل) * بفتح الياء أي ليزداد ضلالا أو ليثبت عليه وإلا فاصل الضلال غير متأخر عن الجعل المذكور، واللام لام العاقبة كما في قوله تعالى: * (فالتقطته آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) * بيد أن هذا أقرب إلى الحقيقة لأن الجاعل ههنا قاصد بجعله المذكور حقيقة الإضلال والضلال وأن لم يعرف بجهله إنهما اضلال وضلال وأما آل فرعون فهم غير قاصدين بالتقاطهم العداوة أصلا.
* (قل) * تهديدا لذلك الجاعل وبيانا لحاله ومآله * (تمتع بكفرك قليلا) * أي تمتعا قليلا أو زمانا قليلا * (إنك من أصحاب النصار) * أي ملازميها والمعذبين فيها على الدوام، وهو تعليل لقلة التمتع وفيه من الاقناط من النجاة وذم الكفر ما لا يخفى كأنه قيل: إذ قد أبيت ما أمرت به من الإيمان والطاعة فمن حقك أن تؤمر بتركه لتذوق عقوبته.
* (أمن هو قانت ءانآء اليل ساجدا وقآئما يحذر الاخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب) *.
* (أمن هو قانت ءاناء الليل) * الخ من تمام الكلام المأمور به في قول، وأم إما متصلة قد حذف معادلها ثقة بدلالة مساق الكلام عليه كأنه قيل له تأكيدا للتهديد وتهكما به أأنت أحسن حالا ومآلا أم من هو قائم بمواجب الطاعات ودائم على وظائف العبادات في ساعات الليل التي فيها العبادة أقرب إلى القبول