الذي يذم مرتكبه فيرد عليه قوله تعالى: * (فذرهم وما يفترون) * (الأنعام: 112، 137) وقوله سبحانه: * (وذروا ما بقي من الربا) * (البقرة: 278) إلى غير ذلك وفيه تأمل. الثامن أن يدع أخص من يذر لأنه بمعنى ترك الشيء مع اعتناء به بشهادة الاشتقاق نحو الإيداع فإنه ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها ولهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها ونحوه موادعة الأحباب وأما يذر فمعناه الترك مطلقا أو مع الأعراض والرفض الكلي، قال الراغب: يقال فلأن يذر الشيء أي يقذفه لقلة الاعتداد به ومنه الوذر وهو ما سمعت آنفا، ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول إذ المراد تبشيع حالهم في الاعراض عن ربهم وهو قريب من سابقه لكنه سالم عن بعض ما فيه، التاسع أن في تدعون بفتح التاء والتدال ثقلا ما لا يخفى على ذي الذوق السليم والطبع المستقيم * (وتذرون) * سالم عنه فلذا اختير عليه فتأمل والله تعالى أعلم، وقد أشار سبحانه وتعالى بقوله:) * أحسن الخالقين) * إلى المقتضى للإنكار المعنى بالهمز وصرح به للاعتناء بشأنه في قوله تعالى:
* (الله ربكم ورب ءابآئكم الاولين) *.
* (الله ربكم ورب ءابائكم الأولين) * بالنصب على البدلية من أحسن الخالقين، قال أبو حيان: ويجوز كون ذاك عطف بيان إن قلنا إن إضافة أفعل التفضيلل محضة، وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع على أن الاسم الجليل مبتدأ و * (ربكم) * خبره أو هو خبر مبتدأ محذوف وربكم عطف بيان أو بدل منه، وروي عن حمزة أنه إذا وصل نصب وإذا وقف رفع، والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم الأولين لتأكيد إنكار تركهم إياه تعالى والأشعار ببطلان آراء آبائهم أيضا.
* (فكذبوه فإنهم لمحضرون) *.
* (فكذبوه) * فيما تضمنه كلامه من إيجاب الله تعالى التوحيد وتحريمه سبحانه الإشراك وتعذيبه تعالى عليه، وجوز أن يكون تكذيبهم راجعا إلى ما تضمنه قوله الله ربكم * (فإنهم) * بسبب ذلك * (لمحضرون) * أي في العذاب وإنما اطلقه اكتفاء بالقرينة أو لأن الاحضار المطلق مخصوص بالشر في العرف العام أو حيث استعمل في القرآن لاشعاره بالجبر.
* (إلا عباد الله المخلصين) *.
* (إلا عباد الله المخلصين) * استثناء متصل من الواو في كذبوه فيدل على أن من قومه مخلصين لم يكذبوه، ومنع كونه استثناء متصلا من ضيمر * (محضرون) * لأنه للمكذبين فإذا استثنى منه اقتضى أنهم كذبوه ولم يحضروا وفساده ظاهر، وقيل: لأنه إذا لم يستثن من ضمير كذبوا كانوا كلهم مكذبين فليس فيهم مخلص فضلا عن مخلصين ومآله ما ذكر، لكن اعترضه ابن كمال بأنه لا فساد فيه لأن استثناءهم من القوم المحضرين لعدم تكذيبهم على ما دل عليه التوصيف بالمخلصين لا من المكذبين فمآل المعنى واحد.
ورد بأن ضمير محضرين للقوم كضمير كذبوا، وقال الخفاجي: لا يهفى أن اختصاص الاحضار بالعذاب كما صرح به غير واحد يعين كون ضمير محضرين للمكذبين لا لمطلق القوم فإن لم يسلمه فهو أمر آخر، وفي البحر ولا يناسب أن يكون استثناء منقطعا إذ يصير المعنى لكن عباد الله المخلصين من غير قومه لا يحضرون في العذاب وفيه بحث.
* (وتركنا عليه فى الاخرين * سلام على إل ياسين * إنا كذلك نجزى المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين) *.
* (وتركنا عليه في الآخرين * سلام على ال ياسين * إنا كذالك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين) * الكلام فيه كما في تظيره بيد أنه يقال ههنا إن ال ياسين لغة في الياس وكثيرا ما يتصرفون في الأسماء الغير العربية. وفي الكشاف لعل لزيادة الياء والنون معنى في اللغة السريانية، ومن هذا الباب سيناء وسينين، واختار هذه اللغة هنا رعاية للفواصل، وقيل: هو جمع إلياس على طريق التغليب بإطلاقه على قومه وأتباعه كالمهلبين للمهلب وقومه.
وضعف بما ذكر النحاة من أن العلم إذا جمع أو ثنى وجب تعريفه باللام جبرا لما فاته من العلمية، ولا فرق فيه بين ما فيه تغليب وبين غيره كما صرح به ابن الحاجب في " شرح المفصل "، لكن هذا غير متفق عليه، قال ابن يعيش