وأخرج عبد الرزاق. والقاضي إسماعيل. وابن مردويه. والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله تعالى بعثهم كما بعثني وهو وإن جاء من طرق ضعيفة يعمل به في مثل هذا المطلب كما لا يخفى. وأما ما حكى عن مالك من أنه لا يصلى على غير نبينا صلى الله عليه وسلم من الأنبياء فأوله أصحابه بأن معناه إنا لم نتعبد بالصلاة عليهم كما تعبدنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، والصلاة على الملائكة قيل لا يعرف فيها نص وإنما تؤخذ من حديث أبي هريرة المذكور آنفا إذا ثبت أن الله تعالى سماهم رسلا. وأما الصلاة على غير الأنبياء والملائكة عليهم السلام فقد اضطربت فيها أقوال العلماء فقيل تجوز مطلقا قال القاضي عياض وعليه عامة أهل العلم واستدل له بقوله تعالى: * (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) * (الأحزاب: 43) وبما صح في قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم صل على آل أبي أوفى " وقوله عليه الصلاة والسلام وقد رفع يديه: " اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " وصحح ابن حبان خبر " إن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: صل علي وعلى زوجي ففعل " وفي خبر مسلم " أن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى الله عليك وعلى جسدك " وبه يرد على الخفاجي قوله في شرح الشفاء صلاة الملائكة على الأمة لا تكون إلا بتبعيته صلى الله عليه وسلم. وقيل لا تجوز مطلقا. وقيل لا تجوز استقلالا وتجوز تبعا فيما ورد فيه النص كالآل أو الحق به كالأصحاب. واختاره القرطبي وغيره. وقيل تجوز تبعا مطلقا ولا تجوز استقلالا ونسب إلى أبي حنيفة وجمع. وفي تنوير الأبصار ولا يصلى على غير الأنبياء والملائكة إلا بطريق التبع وهو محتمل لكراهة الصلاة بدون تبع تحريما ولكراهتها تنزيها ولكونها خلاف الأولى لكن ذكر البيري من الحنفية من صلى على غيرهم أثم وكره وهو الصحيح. وفي رواية عن أحمد كراهة ذلك استقلالا. ومذهب الشافعية أنه خلاف الأولى. وقال اللقاني. قال القاضي عياض الذي ذهب إليه المحققون وأميل إليه ما قاله مالك. وسفيان واختاره غير واحد من الفقهاء والمتكلمين أنه يجب تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء بالصلاة والتسليم كما يختص الله سبحانه عند ذكره بالتقديس والتنزيه ويذكر من سواهم بالغفران والرضا كما قال تعالى: * (رضي الله عنهم ورضوا عنه) * (المائدة: 119) * (يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان) * (الحشر: 10) وأيضا فهو أمر لم يكن معروفا في الصدر الأول وإنما أحدثه الرافضة في بعض الأئمة والتشبه بأهل البدع منهى عنه فتجب مخالفتهم انتهى. ولا يخفى أن كراهة التشبه بأهل البدع مقررة عندنا أيضا لكن لا مطلقا بل في المذموم وفيما قصد به التشبه بهم فلا تغفل. وجاء عن عمر بن عبد العزيز بسند حسن أو صحيح أنه كتب لعامله إن ناسا من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على حلفائهم ومواليهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين خاصة ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك.
وصح عن ابن عباس أنه قال: لا تنبغي الصلاة من أحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية عنه ما أعلم الصلاة تنبغي على أحد من أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يدعي للمسلمين والمسلمات بالاستغفار، وكلاهما يحتمل الكراهة والحرمة. واستدل المانعون بأن لفظ الصلاة صار شعارا لعظم الأنبياء وتوقيرهم فلا تقال لغيرهم استقلالا وإن صح كما لا يقال محمد عز وجل وإن كان عليه الصلاة