يصدقني تحتمل أن تكون صفة لردءا، وأن تكون حالا، وأن تكون استئنافا. وقرأ أكثر السبعة * (يصدقني) * بالجزم على أنه جواب الأمر.
وزعم بعضهم أن الجواب على قراءة الرفع محذوف. ويرد عليه أن الأمر لا يلزم أن يكون له جواب فلا حاجة إلى دعوى الحذف، وقرأ أبي. وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهم * (يصدقوني) * بضمير الجمع وهو عائد على فرعون وملئه لا على هارون والجمع للتعظيم كما قيل، والفعل على ما نقل عن ابن خالويه مجزوم فقد جعل هذه القراءة شاهدا لمن جزم من السبعة يصدقني وقال لأنه لو كان رفعا لقيل يصدقونني، وذكر أبو حيان بعد نقله أن الجزم على جواب الأمر والمعنى في يصدقون أرج تصديقهم إياي فتأمل.
* (قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بااياتنآ أنتما ومن اتبعكما الغالبون) * * (قال سنشد عضدك بأخيك) * إجابة لمطلوبه وهو على ما قيل راجع لقوله: * (أرسله معي) * الخ والمعنى سنقويك به ونعينك على أن شد عضده كناية تلويحية عن تقويته لأن اليد تشتد بشدة العضد وهو ما بين المرفق إلى الكتف والجملة تشتد بشدة اليد ولا مانع من الحقيقة لعدم دخول بأخيك فيما جعل كناية أو على أن ذلك خارج مخرج الاستعارة التمثيلية شبه حال موسى عليه السلام في تقويته بأخيه بحال اليد في تقويتها بعضد شديد، وجوز أن يكون هناك مجاز مرسل من باب إطلاق السبب على المسبب بمرتبتين بأن يكون الأصل سنقويك به ثم سنؤيدك ثم سنشد عضدك به، وقرأ زيد بن علي، والحسن عضدك بضمتين، وعن الحسن أنه قرأ بضم العين وإسكان الضاد، وقرأ عيسى بفتحهما، وبعضهم بفتح العين وكسر الضاد، ويقال فيه عضد بفتح العين وسكون الضاد ولم أعلم أحدا قرأ بذلك، وقوله تعالى: * (ونجعل لكما سلطانا) * أي تسلطا عظيما وغلبة راجع على ما قيل أيضا لقوله: * (إني أخاف أن يكذبون) * وقوله سبحانه: * (فلا يصلون إليكما) * تفريع على ما حصل من مراده أي لا يصلون إليكما باستيلاء أو محاجة * (بآياتنا) * متعلق بمحذوف قد صرح به في مواضع أخر أي اذهبا بآياتنا أو بنجعل أي نسلطكما بآياتنا أو بسلطانا لما فيه من معنى التسلط والغلبة أو بمعنى لا يصلون أي تمتنعون منهم بها أو بحرف النفي على قول بعضهم بجواز تعلق الجار به، وقال الزمخشري: يجوز أن يكون قسما جوابه لا يصلون مقدما عليه أو هو من القسم الذي يتوسط الكلام ويقحم فيه لمجرد التأكيد فلا يحتاج إلى جواب أصلا، ويرد على الأول أن جواب القسم لا يتقدمه ولا يقترن بالفاء أيضا فلعله أراد أن ذلك دال على الجواب وأما هو فمحذوف إلا أنه تساهل في التعبير، وجوز أن يكون صلة لمحذوف يفسره الغالبون في قوله سبحانه: * (أنتما ومن اتبعكما الغالبون) * أو صلة له واللام فيه للتعريف لا بمعنى الذي أو بمعناه على رأي من يجوز تقديم ما في حيز الصلة على الموصول إما مطلقا أو إذا كان المقدم ظرفا وتقديمه إما للفاصلة أو للحصر.
* (فلما جآءهم موسى بااياتنا بينات قالوا ما هاذآ إلا سحر مفترى وما سمعنا بهاذا فىءابآئنا الاولين) * * (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات) * أي واضحات الدلالة على صحة رسالته عليه السلام منه عز وجل، والظاهر أن المراد بالآيات العصا واليد إذ هما اللتان أظهرهما موسى عليه السلام إذ ذاك وقد تقدم في سورة طه سر التعبير عنهما بصيغة الجمع * (قالوا ما هذا) * الذي جئت به * (إلا سحر مفترى) * أي سحر تختلقه لم يفعل قبله مثله فالافتراء بمعنى الاختلاق لا بمعنى الكذب أو سحر تتعلمه من غيرك ثم تنسبه إلى الله تعالى كذبا فالافتراء بمعنى الكذب لا بمعنى الاختلاق والصفة على هذين الوجهين مخصصة، وقيل: المراد بالافتراء