وأخرج هو وجماعة عن قتادة أنها أصل شجرة في طرفها النار، قيل: فتكون من على هذا للابتداء، والمراد بالنار هي التي آنسها.
وقرأ الأكثر * (جذوة) * بكسر الجيم. والأعمش. وطلحة. وأبو حيوة. وحمزة بضمها * (لعلكم تصطلون) * تستدفئون وتتسخنون بها، وفيه دليل على أنهم أصابهم برد.
* (فلمآ أتاها نودى من شاطىء الوادى الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إنىأنا الله رب العالمين) * * (فلما أتياها) * أي النار التي آنسها.
* (نودي من شاطىء الوادي الأيمن) * أي أتاه النداء من الجانب الأيمن بالنسبة إلى موسى عليه السلام في مسيره فالأيمن صفة الشاطىء وهو ضد الأيسر، وجوز أن يكون الأيمن بمعنى المتصف باليمن والبركة ضد الأشأم، وعليه فيجوز كونه صفة للشاطىء أو الوادي، و * (من) * على ما اختاره جمع لابتداء الغاية متعلقة بما عندها، وجوز أن تتعلق بمحذوف وقع حالا من ضمير موسى عليه السلام المستتر في نودي أي نودي قريبا من شاطىء الوادي، وجوز على الحالية أن تكون - من - بمعنى في كما في قوله تعالى: * (ماذا خلقوا من الأرض) * أي نودي كائنا في شاطىء الوادي، وقوله تعالى: * (في البقعة المباركة) * في موضع الحال من الشاطىء أو صلة لنودي، والبقعة القطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها وتفتح باؤها كما في " القاموس "، وبذلك قرأ الأشهب العقيلي. ومسلمة. ووصفت بالبركة لما خصت به من آيات الله عز وجل وأنواره.
وقيل: لما حوت من الأرزاق والثمار الطيبة وليس بذاك، وقوله سبحانه: * (من الشجرة) * بدل من قوله تعالى: * (من شاطىء) * أو الشجرة فيه بدل من شاطىء وأعيد الجار لأن البدل على تكرار العامل وهو بدل اشتمال فإن الشاطىء كان مشتملا على الشجرة إذ كانت نابتة فيه، و * (من) * هنا لا تحتمل أن تكون بمعنى في كما سمعت في من الأولى، نعم جوز فيها أن تكون للتعليل كما في قوله تعالى: * (مما خطيئاتهم أغرقوا) * (نوح: 25) متعلقة بالمباركة أي البقعة المباركة لأجل الشجرة، وقيل: يجوز تعلقها بالمباركة مع بقائها للابتداء على معنى أن ابتداء بركتها من الشجرة، وكانت هذه الشجرة على ما روي عن ابن عباس عنابا، وعلى ما روي عن ابن مسعود سمرة، وعلى ما روي عن ابن جريج. والكلبي. ووهب عوسجة. وعلى ما روي عن قتادة. ومقاتل عليقة وهو المذكور في التوراة اليوم، وأن في قوله تعالى: * (أن ياموسى) * تحتمل أن تكون تفسيرية وأن تكون مخففة من الثقيلة والأصل بأنه، والجار متعلق بنودي، والنداء قد يوصل بحرف الجر أنشد أبو علي: ناديت باسم ربيعة بن مكدم * أن المنوه باسمه الموثوق والضمير للشأن وفسر الشأن بقوله تعالى: * (إني أنا الله رب العالمين) * وقرأت فرقة * (أني) * بفتح الهمز، واستشكل بأن أن إن كانت تفسيرية ينبغي كسر إن وهو ظاهر وإن كانت مصدرية واسمها ضمير الشأن، فكذلك إذ على الفتح تسبك مع ما بعدها بمفرد وهو لا يكون خبرا عن ضمير الشأن وخرجت على أن أن تفسيرية وأني الخ في تأويل مصدر معمول لفعل محذوف، والتقدير أي يا موسى اعلم أني أنا الله الخ، وجاء في سورة (طه: 11، 12) * (نودي يا موسى * إني أنا ربك) * وفي سورة (النمل: 8) * (نودي أن بورك من في النار) * وما هنا غير ذلك بل ما في كل غير ما في الآخر فاستشكل ذلك.