كذلك كما لا يخفى. وكون التقدير إن شككت فهي فاسأل به خبيرا على أن الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد غيره عليه الصلاة والسلام بمعزل عن السداد، وقيل: * (به) * صلة * (خبيرا) * قدم لرؤس الآي.
وجوز أن يكون الكلام من باب التجريد نحو رأيت به أسدا أي رأيت برؤيته أسدا فكأنه قيل هنا فاسأل بسؤاله خبيرا، والمعنى إن سألته وجدته خبيرا، والباء عليه ليست صلة فإنها باء التجريد وهي على ما ذهب إليه الزمخشري سببية والخبر عليه هو الله تعالى أيضا. وقد ذكر هذا الوجه السجاوندي. واختاره " صاحب الكشف " قال: وهو أوجه ليكون كالتتميم لقوله تعالى: * (الذي خلق) * الخ فإنه لإثبات القدرة مدمجا فيه العلم، وكون ضمير به راجعا إلى ما ذكر من الخلق والاستواء، والخبير في الآية هو الله تعالى مروي عن الكلبي. وروى تفسير الخبير * (به) * تعالى عن ابن جريج أيضا.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الخبير هو جبريل عليه السلام، وقيل: هو من وجد ذلك في الكتب القديمة المنزلة من عنده تعالى أي فاسأل بماذكر من الخلق والاستواء من علم به من أهل الكتب ليصدقك، وقيل: إذا أريد بالخبير من ذكر فضمير * (به) * للرحمن، والمعنى إن أنكروا إطلاق الرحمن عليه تعالى فاسأل به من يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم. وفيه أنه لا يناسب ما قبله ولأن فيه عود الضمير للفظ * (الرحمن) * دون معناه وهو خلاف الظاهر ولأنه كان الظاهر حينئذ أن يؤخر عن قوله تعالى: * (ما الرحمن) *.
وقيل: الخير محمد صلى الله عليه وسلم وضمير * (به) * للرحمن؛ والمراد فاسأل بصفاته والخطاب لغيره صلى الله عليه وسلم ممن لم يعلم ذلك وليس بشيء كما لا يخفى، وقيل: ضمير * (به) * للرحمن، والمراد فاسأل برحمته وتفاصيلها عارفا يخبرك بها أو المراد فاسأل برحمته حال كونه عالما بكل شيء على أن * (خبيرا) * حال من الهاء لا مفعول اسأل كما في الأوجه السابقة.
وجوز أبو البقاء أن يكون * (خبيرا) * حالا من * (الرحمن) * إذا رفع باستوى. وقال: يضعف أن يكون حالا من فاعل اسأل لأن الخبير لا يسأل إلا على جهة التوكيد مثل * (وهو الحق مصدقا) * والوجه الأقرب الأولى في الآية من بين الأوجه المذكورة لا يخفى، وقرىء * (فسل) *.
* (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) * * (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان) * القائل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الله عز وجل على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام. ولا يخفى موقع هذا الاسم الشريف هنا. وفيه كما قال الخفاجي: معنى أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد * (قالوا) * على سبيل التجاهل والوقاحة * (وما الرحمان) * كما قال فرعون وما رب العالمين حين قال له موسى عليه السلام * (إني رسول من رب العالمين) * (الأعراف: 104) وهو عز وجل كما يؤذن بذلك قول موسى عليه السلام له: * (لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر) * (الإسراء: 102)، والسؤال يحتمل أن يكون عن المسمى ووقع بما دون من لأنه مجهول بزعمهم فهو كما يقال للشبح المرئي ما هو فإذا عرف أنه من ذوي العلم قيل من هو، ويحتمل أن يكون عن معنى الاسم ووقوعه بما حينئذ ظاهر. وقيل: سألوا عن ذلك لأنهم ما كانوا يطلقونه على الله تعالى كما يطلقون الرحيم والرحوم والراحم عليه تعالى أو لأنهم ظنوا أن المراد به غيره عز وجل فقد شاع فيما بينهم تسمية مسيلمة برحمن اليمامة فظنوا أنه المراد بحمل التعريف على العهد. وقيل: لأنه كان عبرانيا وأصله رخمان بالخاء المعجمة فعرب ولم يسمعوه. والأظهر عندي أن ذلك عن تجاهل وأن السؤال عن المسمى ولذا قالوا: * (أنسجد لما تأمرنا) * أي للذي تأمرنا بالسجود له من غير أن نعرفه. فما موصولة