المضاف فإنه من صيغ العموم أو قوله تعالى: * (خبيرا) * لأن الخبرة معرفة بواطن الأمور كما ذكره الراغب ومن علم البواطن علم الظواهر بالطريق الأولى فيدل على ذلك مطابقة والتزاما.
والظاهر أن * (بذنوب) * متعلق بخبيرا وهو حال أو تمييز. وباء * (به) * زائدة في فاعل * (كفى) *، وجوز أن يكون * (بذنوب) * صلة كفى، والجملة مسوقة لتسليته صلى الله عليه وسلم ووعيد الكفار أي أنه عز وجل مطلع على ذنوب عباده بحيث لا يخفى عليه شيء منها فيجازيهم عليها ولا عليك إن آمنوا أو كفروا.
* (الذى خلق السماوات والارض وما بينهما فى ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان فاسأل به خبيرا) * * (الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش) * قد سلف تفسيره. ومحل الموصول الجر على أنه صفة أخرى للحي، ووصف سبحانه بالصفة الفعلية بعد وصفه جل وعلا بالأبدية التي هي من الصفات الذاتية والإشارة إلى اتصافه تعالى بالعلم الشامل لتقرير وجوب التوكل عليه جل جلاله وتأكيده فإن من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين وترتيب رصين في أوقات معينة مع كمال قدرته سبحانه على إبداعها دفعة بحكم جليلة وغايات جميلة لا تقف على تفاصيلها العقول أحق من يتوكل عليه وأولى من يفوض الأمر إليه.
وقوله تعالى: * (الرحمان) * مرفوع على المدح أي هو الرحمن وهو في الحقيقة وصف آخر للحي كما في قراءة زيد بن عبد الرحمن بالجر مفيد لزيادة تأكيد ما ذكر من وجوب التوكل عليه جل شأنه وإن لم يتبعه في الأعراب لما تقرر من أن المنصوب والمرفوع مدحا وإن خرجا عن التبعية لما قبلهما صورة حيث لم يتبعاه في الأعراب وبذلك سميا قطعا لكنهما تابعان له حقيقة، ألا ترى كيف التزموا حذف الفعل والمبتدأ روما لتصوير كل منهما بصورة متعلق من متعلقات ما قبله وتنبيا على شدة الاتصال بينهما وإنما قطعوا للافتنان الموجب لإيقاظ السامع وتحريكه إلى الجد في الإصغار.
وجوز أن يكون الموصول في محل نصب على الاختصاص وأن يكون في محل رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف صفة له أو مبتدأ و * (الرحمن) * خبره، وجوز أن يكون * (الرحمن) * بدلا من المستكن في * (استوى) * ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون * (الرحمن) * مبتدأ، وقوله تعالى: * (فسئل به خبيرا) * خبره على حد تخريجه قول الشاعر: وقائلة خولان فانكح فتاتهم وهو بعيد، والظاهر أن هذه جملة منقطعة عما قبلها إعرابا، والفاء فصيحة والجار والمجرور صلة اسأل. والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدي بالباء لتضمنه معنى الاعتناء. وعليه قول علقمة بن عبيدة: فإن تسألوني بالنساء فإنني * خبير بادواء النساء طبيب فلا حاجة إلى جعلها بمعنى عن كما فعل الأخفش. والزجاج. والضمير راجع إلى ما ذكر إجمالا من الخلق والاستواء. والمعنى إن شئت تحقيق ما ذكر أو تفصيل ما ذكر فاسأل معتنيا به خبيرا عظيم الشأن محيطا بظواهر الأمور وبواطنها وهو الله عز وجل يطلعك على جلية الأمر. والمسؤول في الحقيقة تفاصيل ما ذكر لا نفسه إذ بعد بيانه لا يبقى إلى السؤال حاجة ولا في تعديته بالباء المبنية على تضمينه معنى الاعتناء المستدعى لكون المسؤول أمرا خطيرا مهتما بشأنه غير حاصل للسائل فائدة فإن نفس الخلق والاستواء بعد الذكر ليس