تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ٢١٠
وضع النورة شياطين الإنس وضعوها لبلقيس وهو خلاف المشهور، ويروى أن الحمام وضع يومئذ.
وفي تاريخ الخباري عن أبي موسى الأشعري قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من صنعت له الحمامات سليمان " وأخرج الطبراني. وابن عدي في الكامل. والبيهقي في شعب الإيمان عنه أيضا قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: " أول من دخل الحمام سليمان فلما وجد حره قال أوه من عذاب الله تعالى " وروي عن وهب أنه قال: زعموا أن بلقيس لما أسلمت قال لها سليمان: اختاري رجلا من قومك أزوجكه فقالت: أمثلي يا نبي الله تنكح الرجال وقد كان في قومي من الملك والسلطان ما كان؟ قال: نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك وما ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله تعالى لك فقالت: زوجني إن كان لا بد من ذلك ذا تبع ملك همدان فزوجها إياه ثم ردها إلى اليمن وسلط زوجها ذا تبع على اليمن ودعا زوبعة أمير جن اليمن فقال اعمل لذي تبع ما استعملك فيه فلم يزل بها ملكا يعمل له فيها حتى مات سليمان فلما أن حال الحول وتبين الجن موته عليه السلام أقبل رجل منهم فسلك تهامة حتى إذا كان في جوف اليمن صرخ بأعلى صوته با معشر الجن إن الملك سليمان قد مات فارفعوا أيديكم فرفعوا أيديهم وتفرقوا وانقضى ملك ذي تبع وملك بلقيس مع ملك سليمان عليه السلام. وقال عون بن عبد الله: سأل رجل عبد الله بن عتبة هل تزوج سليمان بلقيس فقال انتهى أمرها إلى قولها: * (أسلمت مع سليمان لله رب العالمين) * قيل: يعني لا علم لنا وراء ذلك.
والمشهور أنه عليه السلام تزوجها وإليه ذهب جماعة من أهل الأخبار. وأخرج البيهقي في الزهد عن الأوزاعي قال: كسر برج من أبراج تدمر فأصابوا فيه امرأة حسناء دعجاء مدمجة كأن أعطافها طي الطوامير عليها عمامة طولها ثمانون ذراعا مكتوب على طرف العمامة بالذهب * (بسم الله الرحمن الرحيم أنا بلقيس ملكة سبأ زوجة سليمان بن داود عليهما السلام ملكت من الدنيا كافرة ومؤمنة ما لم يملكه أحد قبلي ولا يملكه أحد بعدي صار مصيري إلى الموت فاقصروا يا طالبي الدنيا والله تعالى أعلم بصحة الخبر، وكم في هذه القصة من أخبار الله تعالى أعلم بالصحيح منها، والقصة في نفسها عجيبة وقد اشتملت على أشياء خارقة للعادة بل يكاد العقل يحيلها في أول وهلة، ومما يستغرب والله تعالى فيه سر خفي خفاء أمر بلقيس على سليمان عدة سنين كما قاله غير واحد مع أن المسافة بينه وبينها لم تكن في غاية العبد وقد سخر الله تعالى له من الجن. والشياطين. والطير. والريح ما سخر وهذا أغرب من خفاء أمر يوسف على يعقوب عليهام السلام بمراتب، وسبحان من لا يعزب عن علمه مثقال درة في السموات وفي الأرض، وهذا وللصوفية في تطبيق ما في هذه هذه القصة على ما في الأنفس كلام طويل، ولعل الأمر سهل على من له أدنى ذوق بعد الوقوف على بعض ما مر من تطبيقاتهم ما في بعض القصص على ذلك والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
* (ولقد أرسلنآ إلى ثمود أخاهم ص‍الحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون) *.
* (ولقد أرسلنا) * عطف على قوله تعالى: * (ولقد ءاتينا داود وسليمان علما) * (النمل: 15) مسوق لما سيق هو له، واللام واقعة في جواب قسم محذوف أي وبالله لقد أرسلنا * (إلى ثمود أخاهم صالحا) * وإنما أقسم على ذلك اعتناء بشأن الحكم، و * (صالحا) * بدل من * (أخاهم) * أو عطف بياني، وأن في قوله تعالى: * (أن اعبدوا الله) * مفسرة لما في الإرسال من معنى القول دون حروفه.
وجوز كونها مصدرية حذف منها حرف الجر أي بأن، وقيل لأن ووصلها بالأمر جائز لا ضير فيه كما مر.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»