خالف ذلك، وادعى بعضهم دلالة الآية عليه لأن العالم ما سوى الله تعالى وصفاته العلى فيشمل الملائكة عليهم السلام. وصيغة جمع العقلاء للتغليب أو جمع بعد تخصيصه بالعقلاء. ومن قال كالبارزي: إنه عليه الصلاة والسلام أرسل حتى إلى الجمادات بعد جعلها مدركة لظاهر خبر مسلم وأرسلت إلى الخلق كافة لم يخصص، واكتفى بالتغليب وفائدة الإرسال للمعصوم وغير المكلف طلب إذعانهما لشرفه عليه الصلاة والسلام ودخولهما تحت دعوته واتباعه تشريفا على سائر المرسلين عليهم السلام.
وتقديم الجار والمجرور على متعلقه للتشويق ومراعاة الفواصل وللحصر أيضا على القول الأول في العالمين، وإبراز تنزيل الفرقان في معرض الصلة التي حقها أن تكون معلومة الثبوت للموصول عند السامع مع إنكار الكفرة له لإجرائه مجرى المعلوم المسلم تنبيها على قوة دلائله وكونه بحيث لا يكاد يجهله أحد كقوله تعالى: * (لا ريب فيه) * وكذا يقال في نظائره من الصلات التي ينكرها الكفرة: وقال بعضهم: لا حاجة لما ذكر إذ يكفي في الصلة أن تكون معلومة للسامع المخاطب بها ولا يلزم أن تكون معلومة لكل سامع، والمخاطب بها هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام عالم بثبوتها للموصول، وفي شرح التسهيل أنه لا يلزم فيها أن تكون معلومة وإن تعريف الموصول كتعريف أل يكون للعهد والجنس وأنه قد تكون صلته مبهمة للتعظيم كما في قوله: فإن أستطع أغلب وأن يغلب الهوى * فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه وما ذكر أولا من تنزيلها منزلة المعلوم أبلغ لكونه كناية عما ذكر مناسبة للرد على من أنكر النبوة وتوحيد الله تعالى:
* (الذى له ملك السماوات والارض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك وخلق كل شىء فقدره تقديرا) *.
* (الذي له ملك السماوات والأرض) * أي له سبحانه خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا السلطان القاهر والاستيلاء الباهر عليهما المستلزم للقدرة التامة والتصرف الكلي فيهما وفيما فيهما إيجادا وإعادا وإحياء وإماتة وأمرا ونهيا حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح، ومحل الموصول الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها أو على أنه نعت للموصول الأول أو بيان له أو بدل منه، وما بينهما ليس بأجنبي لأنه من تمام الصلة ومتعلق بها فلا يضر الفصل به بين التابع والمتبوع كما في " البحر " أو محله الرفع أو النصب على المدح بتقدير هو أو أمدح.
واختار الطيبي أن محله الرفع على الإبدال وعلله بقوله لأن من حق الصلة أن تكون معلومة عند المخاطب وتلك الصلة لم تكن معلومة عند المعاندين فأبدل * (الذي له) * الخ بيانا وتفسيرا وهو بعيد من مثله وسبحان من لا يعاب عليه شيء * (ولم يتخذ ولدا) * أي لم ينزل أحدا منزلة الولد، وقيل أي لم يكن له ولد كما يزعم الذين يقولون في حق المسيح وعزير. والملائكة عليهم السلام ما يقولون فسبحان الله عما يصفون، والجملة معطوفة على ما قبلها من الجملة الظرفية وكذا قوله تعالى: * (ولم يكن له شريك في الملك) * أي ملك السموات والأرض، وأفرد بالذكر مع أن ما ذكر من اختصاص ملكهما به تعالى مستلزم له قطعا للتصريح ببطلان زعم الثنوية القائلين بتعدد الآلهة والرد في نحورهم وتوسيط نفي اتخاذ الولد بينهما للتنبيه على استقلاله وأصالته