تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٧٧
الله تعالى عنه من قوله: " إن صلاة الضحى لفي القرآن وما يغوص عليها الاغواص وتلا الآية حتى بلغ الآصال.
وقرأ ابن عامر. وأبو بكر. والبحتري عن حفص. ومحبوب عن أبي عمرو والمنهال عن يعقوب. والمفضل وأبان * (يسبح) * بالياء التحتية والبناء للمفعول ونائب الفاعل * (له) * أو * (فيها) * إن لم يتعلق * (في بيوت) * به أو * (بالغدو) * والأولية للأول لأنه ولى الفعل والاسناد إليه حقيقي دون الأخيرين. وجوز أن يكون المجرور فيما ذكر نائب الفاعل والجار فيه زائدا، وفيه ارتكاب لما لا داعي إليه، ورفع * (رجال) * على هذه القراءة على أنه فاعل لفعل محذوف أو خبر متدأ محذوف على ما في البحر أي يسبح له أو المسبح له رجال. والجملة استئناف بياني وقع جوابا لسؤال نشأ من الكلام السابق. وهذا نظير قوله:
ليبك يزيد ضارع لخصومة * ومختبط مما تطيح الطوائح وهو قياسي عند الكثير فيجوز عندهم أن يقال: ضربت هند زيد بتقدير ضربها أو ضاربها زيد. وليس هذا كذكر الفاعل تمييزا بعد الفعل المبني للمفعول نحو ضرب أخوك رجلا المصرح بعدم جوازه ابن هشام في الباب الخامس من المغنى وإن أوهمت العلة أنه مثله فتأمل.
وقرأ أبو حيوة. وابن وثاب * (تسبح) * بالتاء الفوقية والبناء للفاعل وهو * (رجال) * والتأنيث لأن جمع التكثير كثيرا ما يعامل معاملة المؤنث، وقرى أبو جعفر * (تسبح) * بالتاء الفوقية والبناء للمفعول وهو قوله تعالى: * (بالغدو والآصال) * على أن الباء زائدة والإسناد مجازي بجعل الأوقات المسبح فيها ربها مسبحة، وجوز أبو حيان أن يكون الإسناد إلى ضمير التسبيحة الدالة عليه * (تسبح) * أي تسبح هي أي التسبيحة كما قالوا في قوله تعالى: * (ليجزي قوما) * على قراءة من بني * (يجزى) * للمفعول أي ليجزي هو أي الجزاء. قال في إرشاد العقل السليم: وهذا أولى من التوجيه الأول إذ ليس هنا مفعول صريح. وضعفه بعضهم هنا بأن الوحدة لا تناسب المقام، وأجيب بالتزام كون الوحدة جنسية. وأيا ما كان فرفع * (رجال) * على هذه القراءة على الفاعلية أو الخبرية كما سمعت آنفا. والتنوين فيه على جميع القراءات للتفخيم، وقوله سبحانه: * (لا تلهيهم تجارة) * صفة له مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة مفيدة لكمال تبتلهم إلى الله تعالى من غير صارف يلويهم ولا عاطف يثنيهم كائنا ما كان. وتخصيص الرجال بالذكر لأنهم الأحقاء بالمساجد. فقد أخرج أحمد. والبيهقي عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير مساجد النساء قعر بيوتهن " وتخصيص التجارة التي هي المعاوضة مطلقا بذلك لكونها أقوى الصوارف عندهم وأشهرها أي لا يشغلهم نوع من أنواع التجارة * (ولا بيع) * أي ولا فرد من أفراد البياعات وإن كان في غاية الربح. وأفرادهم بالذكر مع اندراجه تحت التجارة للإيذان بإنافته على سائر أنواعها لأن ربحه متيقن ناجز وربح ما عداه متوقع في ثاني الحال عند البيع فلم يلزم من نفي إلهاء ما عداه نفي إلهائه ولذلك كرر كلمة * (لا) * لتذكير النفي وتأكيده، وجوز أن يراد بالتجارة المعاوضة الرابحة وبالبيع المعاوضة مطلقا فيكون ذكره بعدها من باب التعميم بعد التخصيص للمبالغة، ونقل عن الواقدس أن المراد بالتجارة هو الشراء لأنه أصلها ومبدؤها فلا تخصيص ولا تعميم، وقيل: المراد بالتجارة الجلب لأنه الغالب فيها فهو لازم لها عادة. ومنه يقال: تجر في كذا أي جلبه. ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم. وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»