تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ٨٢
وآتيناه العابدين الذين من جملتهم أيوب عليه السلام وذكرنا إياهم بالإحسان وعدم نسياننا لهم.
وجوز أبو البقاء نصب * (رحمة) * على المصدر وهو كما ترى.
* (وإسم‍اعيل وإدريس وذا الكفل كل من الص‍ابرين) *.
* (وإسم‍اعيل وإدريس وذا الكفل) * أي واذكرهم؛ وظاهر نظم ذي الكفل في سلك الأنبياء عليهم السلام أنه منهم وهو الذي ذهب إليه الأكثر، واختلف في اسمه فقيل بشر وو ابن أيوب عليه السلام بعثه الله تعالى نبيا بعد أبيه وسماه ذا الكفل وأمره سبحانه بالدعاء إلى توحيده، وكان مقيما بالشام عمره ومات وهو ابن خمس وسبعين سنة وأوصى إلى ابنه عبدان وأخرج ذلك الحاكم عن وهب، وقيل: هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هرون أخي موسى بن عمران عليهم السلام، وصنيع بعضهم يشعر باختياره، وقيل يوشف بن نون، وقيل: اسمه ذو الكفل، وقيل هو زكريا حكى كل ذلك الكرماني في العجائب، وقيل هو اليسع بن أخطوب بن العجوز، وزعمت اليهود أنه حزقيال وجاءته النبوة وهو في وسط سبي بختنصر على نهر خوبار.
وقال أبو موسى الأشعري. ومجاهد: لم يكن نبيا وكان عبدا صالحا استخحلفه - على ما أخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم عن مجاهد - اليسع عليه السلام بشرط أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ففعل ولم يذكر مجاهد ما اسمه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال: كان قاضيا في بني إسرائيل فحضره الموت فقال: من قوم مقامي على أن لا يغضب؟ فقال رجل: أنا يسمى ذا الكفل الخبر، وأخرج عن ابن حجيرة الأكبر كان ملك من ملوك بني إسرائيل فحضرته الوفاة فأتاه رؤس بني إسرائيل فقالوا: استخلف علينا ملكا نفزع إليه فقال: من تكفل لي بثلاث فأوليه ملكي؟ فلم يتكلم إلا فتى من القوم قال: أنا فقال: اجلس ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد إلا الفتى فقال: تكفل لي بثلاث وأليك ملكي تقوم الليل فلا ترقد وتصوم فلا تفطر وتحكم فلا تغضب قال: نعم قال: قد وليتك ملكي الخبر، وفيه وكذا في الخبر السابق قصة إرادة إبليس عليه اللعنة إغضابه وحفظ الله تعالى إياه منه، والكفل الكفالة والحظ والضعف، وإطلاق ذلك عليه إن لم يكن اسمه إما لأنه تكفل بأمر فوفى به، وإما لأنه كان له ذا حظ من الله تعالى، وقيل لأنه كان له ضعف عمل الأنبياء عليهم السلام في زمانه وضعف ثوابهم.
ومن قال إنه زكريا عليه السلام قال: إن إطلاق ذلك عليه لكفالته مريم وهو داخل في الوجه الأول، وفي " البحر " وقيل: في تسميته ذا الكفر أقوال مضطربة لا تصح والله تعالى أعلم.
* (كل) * أي كل واحد من هؤلاء * (من الصبرين) * أي على مشاق التكاليف وشدائد النوب ويعلم هذا من ذكر هؤلاء بعد أيوب عليهم السلام، والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من الأمر بذكرهم.
* (وأدخلن‍اهم فى رحمتنا إنهم من الص‍الحين) *.
* (وأدخلناهم في رحمتنا) * الكلام فيه على طرز ما سبق من نظيره آنفا.
* (إنهم من الص‍الحين) * أي الكاملين في الصلاح لعصمتهم من الذنوب. والجملة في موضع التعليل وليس فيه تعليل الشيء بنفسه من غير حاجة إلى جعل من ابتدائية كما يظهر بأدنى نظر.
* (وذا النون إذ ذهب مغ‍اضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلم‍ات أن لا إل‍اه إلا أنت سبح‍انك إنى كنت من الظ‍المين) *.
* (وذا النون) * أي واذكر صاحب الحوت يونس عليه السلام ابن متى وهو اسم أبيه على ما في " صحيح البخاري " وغيره وصححه ابن حجر
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»