تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ١٣٥
والكلام على حذف مضاف أي لتعذيبهم، وقيل بمعنى على كما في قوله تعالى: * (ولهم اللعنة) * أي وعليهم.
* (مقامع من حديد) * جمع مقمعة وحقيقتها ما يقمع به أي يكف بعنف. وفي " مجمع البيان " هي مدقة الرأس من قمعه قمعا إذا ردعه، وفسرها الضحاك. وجماعة بالمطارق، وبعضهم بالسياط. وفي الحديث " لو وضع مقمع منها في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض ".
* (كلمآ أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) *.
* (كلما أرادوا أن يخرجوا منها) * أي أشرفوا على الخروج من النار ودنوا منه حسبما يروى أنها تضربهم بلهبها فترفعهم فإذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا، فالإرادة مجاز عن الإشراف والقرب كما في قوله تعالى: * (يريد أن ينقض) * وجعل بعضهم ضمير * (منها) * للثياب وهو ركيك، وقوله تعالى: * (من غم) * بدل اشتمال من ضمير * (منها) * بإعادة الجار والرابط محذوف والتنكير للتفخيم، والمراد من غم عظيم من غمومها أو مفعول له للخروج أي كلما أرادوا الخروج منها لأجل غم عظيم يلحقنهم من عذابها، والغم أخوالهم وهو معروف، وقال بعضهم: هو هنا مصدر غممت الشيء أي غطيته أي كلما أرادوا أن يخرجوا من تغطية العذاب لهم أو مما يغطيهم من العذاب * (أعيدوا فيها) * أي في قعرها بأن ردوا من أعاليها إلى أسافلها من غير أن يخرجوا منها إذ لا خروج لهم كما هو المشهور من حالهم، واستدل له بقوله تعالى: * (وما هم بخارجين) * (البقرة: 167) وفي اختيار * (فيها) * دون إليها إشعار بذلك، وقيل الإعادة مجاز عن الإبقاء، وقيل التقدير كلما أرادوا أن يخرجوا منها فخرجوا أعيدوا فيها فالإعادة معلقة على الخروج وحذف للإشعار بسرعة تعلق الإرادة بالإعادة ويجوز أن يحصل لهم، والمراد من قوله تعالى: * (وما هم بخارجين) * نفي الاستمرار أي لا يستمرون على الخروج لا استمرار النفي، وكثيرا ما يعدى العود بفي لمجرد الدلالة على التمكن والاستقرار، وقال بعضهم: إن الخروج ليس من النار وإنما هو من الأماكن المعدة لتعذيبهم فيها، والمعنى كلما أراد أحدهم أن يخرج من مكانه المعد له في النار إلى مكان آخر منها فخرج منه أعيد فيه وهو كما ترى، وهذه الإعادة على ما قيل بضرب الزبانية إياهم بالمقامع، وقوله تعالى: * (وذوقوا) * على تقدير قول معطوف على * (أعيدوا) * أي وقيل لهم ذوقوا * (عذاب الحريق) * قد مر الكلام فيه، والأمر للإهانة.
* (إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الص‍الح‍ات جن‍ات تجرى من تحتها الانه‍ار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير) *.
* (إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الص‍الحات جنات تجري من تحتها الأنهار) * بيان لحسن حال المؤمنين إثر بيان سوء حال الكفرة، وغير الأسلوب فيه بإسناد الإدخال إلى الاسم الجامع وتصدير الجملة بحرف التحقيق وفصلها للاستئناف إيذانا بكمال مباينة حالهم لحال الكفرة وإظهارا لمزيد العناية بأمر المؤمنين ودلالة على تحقيق مضمون الكلام * (يحلون فيها) * بالبناء للمفعول والتشديد من التحلية بالحلى أي تحليهم الملائكة عليهم السلام بأمره تعالى، وقوله تعالى: * (من أساور) * قيل متعلق بيحلون، و * (من) * ابتدائية والفعل متعد لواحد وهو النائب عن الفاعل، وقيل: متعلق بمحذوف وقع صفة لمفعول محذوف ومن للبيان والفعل متعد لاثنين أحدهما النائب عن الفاعل والآخر الموصوف المحذوف أي يحلون حليا أو شيئا من أساور، وعلى القول بتعدي هذا الفعل لاثنين جوز أن تكون من للتبعيض واقعة موقع المفعول، وأن تكون زائدة على مذهب الأخفش من جواز زيادتها في الإيجاب و * (أساور) * مفعول * (يحلون) * وقوله تعالى: * (من ذهب) *
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»