بعده، ومن ذلك قيل الأحسن أن يقال: إن الجملة دعائية والنكرة يبتدأ بها فيها كما صرح به النحاة فكذا بعد دخول الناسخ وهو كما ترى، وقيل: المسوغ للإبتداء بالنكرة هنا عطف المعرفة وهو * (هرون) * عليها عطف بيان وهو غريب، وجوز في * (هرون) * أيضا على هذا القول كونه مفعولا لفعل مقدر وكونه بدلا وقد سمعت ما فيه. والظاهر أنه يجوز في * (لي) * عليه أيضا أن يكون صلة للعجل كما يجوز فيه على بعض الأوجه السابقة أن يكون تبيينا. ولم يظهر لي وجه عدم ذكر هذا الاحتمال ولا وجه عدم ذكر احتمال كونه صلة للجعل هنا. ويفهم من كلام البعض جواز كل من الاحتمالين هنا وهناك. وكذا يجوز أيضا أن يكون حالا من * (وزيرا) * ولعل ذلك مما يسهل أمر الانعقاد على ما قيل وفيه ما فيه، و * (أخى) * على الوجوه عطف بيان للوزير ولا ضير في تعدده لشيء واحد أو لهرون. ولا يشترط فيه كون الثاني أشهر كما توهم لأن الإيضاح حاصل من المجموعكما حقق في المطول وحواشيه. ولا حاجة إلى دعوى أن المضاف إلى الضمير أعرف من العلم لما فيها من الخلاف. وكذا إلى ما في " الكشف " من أن * (أخى) * في هذا المقام أشهر من اسمه العلم لأن موسى عليه السلام هو العلم المعروف والمخاطب الموصوف بالمناجاة والكرامة والمتعرف به هو المعرفة في الحقيقة ثمن إن البيان ليس بالنسبة إليه سبحانه لأنه جل شأنه لا تخفى عليه خافية وإنما إتيان موسى عليه السلام به على نمط ما تقدم من قوله * (هي عصاي) * الخ. وجوز أن يكون * (أخى) * مبتدأ خبره.
* (اشدد به أزرى) * * (أشدد به أزري) *.
* (وأشركه فىأمرى) * * (وأشركه في أمري) * وتعقبه أبو حيان بأنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه لغير حاجة. والكلام في الاخبار بالجملة الإنشائية مشهور. والجملة على هذا استئنافية. والأزر القوة. وقيدها الراغب بالشديدة. وقال الخليل. وأبو عبيدة: هو الظهر روى ذلك عن ابن عطية، والمراد أحكم به قوتي وأجعله شريكي في أمر الرسالة حتى نتعاون على أدائها كما ينبغي.
وفصل الدعاء الأول عن الدعاء السابق لكمال الاتصال بينهما فإن شد الأزر عبارة عن جعله وزيرا وأما الإشراك في الأمر فحيث كان من أحكام الوزارة توسط بينهما العاطف كذا قيل لكن في مصحف ابن مسعود * (واشدد) * بالعطف على الدعاء السابق وعن أبي * (أشركه في أمري واشدد به أزري) * فتأمل.
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما الحسن. وابن عامر * (أشدد) * بفتح الهمزة * (وأشركه) * بضمها على أنهما فعلان مضارعان مجزومان في جواب الدعاء أعني قوله: * (اجعل) *، وقال " صاحب اللوامح ": عن الحسن أنه قرأ * (أشدد به) * مضارع شدد للتكثير والتكرير. وليس المراد بالأمر على القراءة السابقة الرسالة لأن ذلك ليس في يد موسى عليه السلام بل أمر الإرشاد والدعوة إلى الحق، وكان هرون كما أخرج الحاكم عن وهب أطول من موسى عليهما السلام وأكثر لحما وأبيض جسما وأعظم ألواحا وأكبر سنا، قيل: كان أكبر منه بأربع سنين، وقيل: بثلاث سنين. وتوفي قبله بثلاث أيضا. وكان عليه السلام ذا تؤدة وحلم عظيم.
* (كى نسبحك كثيرا) * * (كي نسبحك كثيرا) *.
* (ونذكرك كثيرا) * * (ونذكرك كثيرا) * غاية للأدعية الثلاثة الأخيرة فإن فعل كل واحد منهما من التسبيح والذكر مع كونه مكثرا لفعل الآخر ومضاعفا له بسبب انضمامه إليه مكثر له في نفسه أيضا بسبب تقويته وتأييده إذ ليس المراد بالتسبيح والذكر ما يكون منهما بالقلب أو في الخلوات حتى لا يتفاوت حاله عند التعدد والانفراد بل ما يكون منهما في تضاعيف أداء الرسالة ودعوة المردة العتاة إلى الحق وذلك مما