تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ٣٦
بجواز العطف على اسم * (أن) * ويحتاج حينئذ إلى خبر لأن الخبر الأول لا يصح أن يكون خبر إله فهو * (في يوسف) * أو * (من قبل) * على معنى ألم تعلموا أن تفريطكم السابق وقع في شأن يوسف عليه السلام أو أن تفريطكم الكائن أو كائنا في شأن يوسف عليه السلام وقع من قبل.
واعترض بأن مقتضى المقام إنما هو الأخبار بوقوع ذلك التفريط لا يكون تفريطهم السابق واقعا في شأن يوسف عليه السلام كما هو مفاد الأول، ولا يكون تفريطهم الكائن في شأنه واقعا من قبل كما هو مفاد الثاني. وفيه أيضا ما ذكره أبو البقاء وتبعه أبو حيان من أن الغايات لا تقع خبرا ولا صلة ولا صفة ولا حالا وقد صرح بذلك سيبويه سواء جرت أم لم تجر فتقول: يوم السبت يوم مبارك والسفر بعده ولا تقول والسفر بعد، وأجاب عند في " الدر المصون " بأنه إنما امتنع ذلك لعدم الفائدة لعدم العلم بالمضاف إليه المحذوف فينبغي الجواز إذا كان المضاف إليه معلوما مدلولا عليه كما في الآية الكريمة، ورد بأن جواز حذف المضاف إليه في الغايات مشروط بقيام القرينة على تعيين ذلك المحذوف على ما صرح به الرضى فدل على أن الامتناع ليس معللا بما ذكر.
وقال الشهاب: أن ما ذكروه ليس متفقا عليه فقد قام الإمام المرزوقي في شرح الحماسة: إنها تقع صفات وأخبارا وصلات وأحوالا ونقل هذا الاعراب المذكور هنا عن الرماني وغيره واستشهد له بما يثبته من كلام العرب، ثم إن في تعرفها بالإضافة باعتبار تقدير المضاف إليه معرفة يعينه الكلام السابق عليها اختلافا والمشهور أنها معارف، وقال بعضهم: نكرات وإن التقدير من قبل شيء كما في " شرح التسهيل ". والفاضل صاحب الدر سلك مسلكا حسنا وهو أن المضاف إليه إذا كان معلوما مدلولا عليه بأن يكون مخصوصا معينا صح الاخبار لحصول الفائدة فإن لم يتعين بأن قامت قرينة العموم دون الخصوص وقدر من قبل شيء لم يصح الأخبار ونحوه إذ ما شيى إلا وهو قبل شيء ما فلا فائدة في الأخبار فحينئذ يكون معرفة ونكرة، ولا مخالفة بني كلامه وكلام الرضى مع أن كلام الرضى غير متفق عليه انتهى، وهو كما قال تحقيق نفيس، وقيل: محل المصدر الرفع على الإبتداء والخبر * (من قبل) * وفيه البحث السابق، وقيل: * (ما) * موصولة ومحلها من الإعراب ما تقدم من الرفع أو النصب وجملة * (فرطتم) * صلتها والعائد محذوف، والتفريط بمعنى التقديم من الفرط لا بمعنى التقصير أي ما قدمتموه من الجناية.
وأورد عليه أنه يكون قوله تعالى: * (من قبل) * تكرارا فإن جعل خبرا يكون الكلام غير مفيد وإن جعل متعلقا بالصلة يلزم مع التكرار تقديم متعلق الصلة على الموصول وهو غير جائز، وقيل: * (ما) * نكرة موصوفة ومحلها ما تقدم وفيه ما فيه * (فلن أبرح الأرض) * مفرع على ما ذكره وذكر به، و * (برح) * تامة وتستعمل إذا كان كذلك بمعنى ذهب وبمعنى ظهر كما في قولهم: برح الخفاء، وقد ضمنت هنا معنى فارق فنصبت * (الأرض) * على المفعولية ولا يجوز أن تكون ناقصة لأن الأرض لا يصح أن تكون خبرا عن المتكلم هنا وليست منصوبة على الظرفية ولا بنزع الخافض؛ وعنى بها أرض مصر أي فلن أفارق أرض مصر جريا على قضية الميثاق * (حتى يأذن لي أبى) *
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»