مبنيا على أنسؤال الطرد لعدم إخلاصهم لا لاسترذالهم وحاله أظهر من أن يخفى يأباه اغلجزم بترتب غضب الله تعالى على طردهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى * (ولاكني أرياكم قوما تجهلون) * أي بكل ما ينبغي أن يعلم، ويدخل فيه جهلهم بمنزلتهم عند الله تعالى وبما يترتب من المحذور على طردهم وبركاكة رأيهم في التماس ذلك، وتوقف إيمانهم عليه وغير ذلك وإيثار صيغة الفعل للدلالة على التجدد والاستمرار، وعبر بالرؤية موافقة لتعبيرهم، وجوز أن يكون الجهل بمعنى الجناية على الغير وفعل ما يشق عليه لا بمعنى عدم العلم المذموم وهو معنى شائع كما في قوله: ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا أي ولكني أراكم قوما تتسفهون على المؤمنين بنسبتهم إلى الخساسة.
* (وياقوم من ينصرنى من الله إن طردتهم أفلا تذكرون) * * (وياقوم من ينصرني من الله) * أي من يصونني منه تعالى ويدفع عني حلول سخطه، والاستفها للإنكار أي لا ينصرني أحد من ذلك * (إن طردتهم) * وأبعدتهم عني وهم بتلك المثابة والزلفى منه تعالى، وفي الكلام ما لا يخفى من تهويل أمر طردهم * (أفلا تذكرون) * أي أتستمرون على ما أنتم عليه من الجهل فلا تتذكرون ما ذكر من حالهم حتى تعرفوا أن ما تأتونه بمعزل عن الصواب، قيل: ولكون هذه العلة مستقلة بوجه مخصوص ظاهر الدلالة على وجوب الامتناع عن الطرد أفردت عن التعليل السابق وصدرت - بياقوم -.
* (ولا أقول لكم عندى خزآئن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إنى ملك ولا أقول للذين تزدرىأعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما فى أنفسهم إنىإذا لمن الظالمين) * * (ولا أقول لكم عندي خزائن الله) * شروع - على ما قال غير واحد - في دفع الشبه التي أوردوها تفصيلا وذلك من قبيل النشر المشوش ثقة بعلم السامع وتخلل ما تخلل بين شبههم وجوابها - على ما قال العلامة الطيبي - لأنه مقدمة وتمهيد للجواب، وبينه بأن قوله: * (يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده) * (هود: 28) إثبات لنبوته يعني ما قلت لكم * (إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله) * إلا عن بينة على إثبات نبوتي وصحة دعوتي لكن خفيت عليكم وعميت حتى أوردتم تلك الشبه الواهية ومع ذلك ليس نظري فيما ادعيت إلا إلى الهداية وإني لا أطمع بمال حتى ألازم الأغنياء منكم وأطرد الفقراء وأنتم تجهلون هذا المعنى حيث تقولون: اطرد الفقراء وأن الله سبحانه ما بعثني إلا للترغيب في طلب الآخرة ورفض الدنيا فمن ينصرني إن كنت أخالف ما جئت به، ثم شرع فيما شرع، وفي " الكشف " إن قوله: * (أرأيتم) * الآية جواب إجمالي عن الشبه كلها مع التعبير بأنهم لا يرجعون فما يرمون إلى أدنى تدبر وقوله: * (ويا قوم لا أسئلكم) * تتميم للتعبير وحث على ما ضمنه من التشويق إلى ما عنده، وقوله: * (ما أنا بطارد) * (هود: 29) تصريح بجواب ما ضمنوه في قولهم: * (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا) * (هود: 27) من خسة الشركاء وأنه لولا مكانهم لكان يمكن الاتباع إظهارا للتصلب فيما هو فيه وأن ما يورده ويصدره عن برهان من الله تعالى يوافيه وأنى يدع الحق الأبلج بالباطل اللجلج، ثم شرع في الجواب التفصيلي بقوله: * (ولا أقول) * الخ، وهو أحسن مما ذكره الطيبي، وجعلوا هذا ردا لقولهم: * (وما نرى لكم) * الخ كأنه يقول: عدم اتباع وتكذيبي إن كان لنفيكم عني فضل المال والجاه فأنا لم أدعه ولم أقل لكم إن خزائن رزق الله تعالى وماله عندي حتى أنكم تنازعوني في ذلك وتنكرونه وإنما كان مني دعوى الرسالة المؤيدة بالمعجزات، ولعل جوابه عليه السلام عن ذلك من حيث أنه معنى به مستتبع للجواب عنه من حيث أنه عنى به متبعوه عليه السلام أيضا، وجعله جوابا عن قولهم: * (ما نراك إلا بشرا مثلنا) * (هود: 27) كما جوزه الطبرسي ليس بشيء، وحمل الخزائن على ما أشرنا إليه هو المعول عليه.