من الهمزة لانكسار ما قبلها وقد قرأ أبو عمرو. وعيسى الثقفي بها، وانتصابه على القراءتين على الظرفية - لاتبعك - على معنى اتبعوك في ظاهر رأيهم أو أوله. ولم يتأملوا. ولم يتثبتوا ولو فعلو ذلك لم يتبعوك وغرضهم من هذا المبالغة في عدم اعتبار ذلك الاتباع وجعل ذلك بعضهم علة الاسترذال وليس بشيء، وقيل: المعنى إنهم اتبعوك في أول رأيهم أو ظاهرة وليسوا معك في الباطن.
واستشكل هذا التعلق بأن ما قبل * (إلا) * لا يعمل فيما بعدها إلا إذا كان مستنثى منه نحو ما قام إلا زيدا القوم أو مستثنى نحو جاء القوم إلا زيدا أو تابعا للمستنثى منه نحو ما جاءني أحد إلا زيدا خير من عمرو، و * (بادي الرأي) * ليس واحدا من هذه الثلاثة في بادي الرأي؛ وأجيب بأنه يغافر ذلك في الظرف لأنه يتسع فيه ما لا يتسع في غيره، واستشكل أمر الظرفية بأن فاعلا ليس بظرف في الأصل، وقال مكي: إنما جاز في فاعل أن يكون ظرفا كما جاز في فعيل كقريب، ومليء لإضافته إلى الرأي وهو كثيرا ما يضاف إلى المصدر الذي يجوز نصبه على الظرفية نحو جهد رأييأنك منطلق.
وقال الزمخشري: - وتابعه غيره - أن الأصل وقت حدوث أول أمرهم أو وقت حدوث ظاهر رأيهم فحذف ذلك وأقيم المضاف إليه مقامه، ولعل تقدير الوقت ليكون نائبا عن الظرف فينتصب على الظرفية، واعتبار الحدوث بناءا على أن اسم الفاعل لا ينوب عن الظرف وينتصب والمصدر ينوب عنه كثيرا فأشاروا بذكره إلى أنه متضمن معنى الحدوث بمعنييه فلذا جاز فيه ذلك، وليس مرادهم أنه محذوف إذ لا داعي لذلك في المعنى على التفسيرين، وما ذكروه هنا من أن الصفات لا ينوب منها عن الظرف إلا فعيل من الفوائد الغريبة - كما قال الشهاب - لكن استدركه باملنع لأن فاعلا وقع ظرفا كثيرا كفعيل، وذلك مثل خارج الدار. وباطن الأمر. وظاهره، وغير ذلك مما هو كثير في كلامهم، وقيل: هو ظرف - لنراك - أي ما نراك في أول رأينا أو فيما يظهر منه، وقيل: لاراذلنا أي أنهم أراذل في أول النظر أو ظاهره لأن رذالتهم مكشوفة لا تحتاج إلى تأمل.
وقيل: هو نعت - لبشرا - وقيل: منصوب على أنه حال من ضمير نوح في * (اتبعك) * أي وأنت مكشوف الرأي لا حصافة فيك، وقيل: انتصب على النداء لنوح عليه السلام أي - يا بادي الرأي - أي ما في نفسك من الرأي ظاهر لكل أحد، وقيل: هو مصدر على فاعل منصوب على المفعولية المطلقة والعامل فيه ما تقدم على تقدير الظرفية.
* (وما نرى لكم) * خطاب له عليه السلام ولمتبعيه جميعا على سبيل التغليب أي وما نرى لك ولمتبعيك. * (علينا من فضل) * أي زيادة تؤهلكم لاتباعنا لكم، وعن ابن عباس تفسير ذلك بالزيادة في الخلق والخلق، وعن بعضهم تفسيره بكثرة الملك والملك، ولعل ما ذكرناه أولى، وكأن مرادهم نفي رأية * (فضل) * بعد الاتباع أي ما نرى فيك وفيهم بعد الاتباع فضيلة علينا لنتبع وإلا فهم قد نفوا أولا أفضليته عليه السلام في قولهم * (ما نراك * (الخ وصرحوا بأن متبعيه - وحاشاهم - أراذل، وهو مستلزم لنفي رؤية * (فضل) * لهم علهم، وقيل: إن هذا تأكيد لما فهم أولا، وقيل: الخطاب لأتباعه عليه السلام فقط فيكون التفاتا أي ما نرى لكم علينا شرف في تلك التبعية لنوافقكم فيها، وحمل الفضل على التفضل والإحسان في احتمالي الخطاب على أن يكون مراد امللأ من جوابهم له عليه السلام حين دعاهم إلى ما دعاهم إليه أنا لانتبعك ولا نترك ما نحن عليه لقولك لأنك بشر مثلنا ليس فيك