الطوفان مائتين وخمسين سنة فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة * (إني لكم نذير) * بالكسر على إرادة القول أي فقال أو قائلا.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو. والكسائي بالفتح على إضمار حرف الجر أي ملتبسا بذلك الكلام وهو * (إني لكم نذير) * فلما اتصل الجار فتح كما فتح في كان، والمعنى على الكسر وهو قولك: إن زيدا كالأسد بناءا على أن كان مركبة وليست حرفا برأسه، وليس في ذلك خروج من الغيبة إلى الخطاب خلافا لأبي علي، ولعل الاقتصار على ذكر كونه عليه السلام نذيرا لأنهم لم يغتنموا مغانم إبشاره عليه السلام * (مبين) * أي موضح لكم موجبات العذاب ووجه الخلاص منه.
* (أن لا تعبدوا إلا الله إنىأخاف عليكم عذاب يوم أليم) * * (أن لا تعبدوا إلا الله) * أي بأن لا تعبدوا إلا الله على أن * (أن) * مصدرية والباء متعلقة - بأرسلنا - و * (لا) * ناهية أي أرسلناه ملتبسا بنهيهم عن الاشراك إلا أنه وسط بينهما بيان بعض أوصافه ليكون أدخل في القبول ولم يفعل ذلك في صدر السورة لئلا يكون من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه، وجوز كون * (أن) * وما بعدها في تأويل مصدر مفعولا - لمبين - أي مبينا النهي عن الاشراك، ويجوز أن تكون * (أن) * مفسرة متعلقة - بأرسلنا - أو - بنذير - أو - بمبين - أي أرسلناه بشيء. أو نذير بشيء. أو مبين شيئا هو * (أن لا تعبدوا إلا الله) * لكن قيل: الانذار في هذا غير ظاهر وهذا على قراءة الكسر فيما مر، وأما على قراءة الفتح فإن * (لا) * الخ بدل من * (إني لكم) * الخ ويقدر القول بعد * (أن) * فيكون التقدير أرسلناه بقوله: * (إني لكن نذير) *، وبقوله * (لا تعبدوا) * فهو بدل البعض أو الكل على المبالغة، وادعاء * (أن) * الإنذار كله هو، وجاز أن لا يقدر القول، فالأظهر حينئذ بدل الاشتمال، ومن زعم أنه كذلك مطلقا إذ لا علاقة بينهما بجزئية أو كلية فقد غفل عن أنه على تقدير القول يكون قوله تعالى: * (إنيأخاف عليكم عذاب يوم أليم) * المعلل به النهي من جملة المقول، وهو إنذار خاص فيكون ذلك بعضا له أو كلا على الادعاء، والظاهر أن المراد - باليوم - يوم القيامة، وجوز أن يكون يوم الطرفان ووصفه - بالأليم - أي المؤلم على الاسناد المجازي لأن المؤلم هو الله سبحانه نزل الظرف منزلة الفاعل نفسه لكثرة وقوع الفعل فيه، فجعل كأنه وقع الفعل منه، وكذا وصف العذاب بذلك في غير موضع القرآن العظيم ويمكن اعتباره هنا أيضا، وجعل الجر للجوار، ووجه التجوز حينئذ أنه جعل وصف الشيء لقوة تلبسه به كأنه عينه فأسنه إليه ما يسند إلى الفاعل، ونظير ذلك على الوجهين نهاره صائم. وجد جده، وقد يقال: إن وصف العذاب بالإيلام حقيقة عرفية ومثله يعد فاعلا في اللغة، فيقال: آلمه العذاب من غير تجوز، قيل: وهذه المقالة - وكذا ما في معناها - مما قص في غير آية لما لم تصدر عنه عليه السلام مرة واحدة بل كان يكررها في مدته المتطاولة حسبما نطق به قوله تعالى حكاية عنه: * (رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا) * (نوح: 5) الآيات عطف على فعل الإرسال المقارن لها أو القول المقدر بعده جوابهم المتعرض لأحوال المؤمنين الذين اتبعوه بعد اللتيا والتي بالفاء التعقيبية فقال سبحانه:
* (فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) * * (فقال الملأ الذين كفروا من قومه) * أي الإشراف منهم - وهو كما قال غير واحد - من قولهم: فلان مليء بكذا إذا كان قادرا عليه لأنهم ملئوا بكفاية الأمور وتدبيرها، أو لأنهم متمالئون أن متظاهرون متعاونون، أو لأنهم يملأون القلوب جلالا. والعيون جمالا. والأكف نوالا، أو لأنهم مملؤون بالآراء الصائبة والأحلام الراجحة على أنه من الملأ لازما، ومتعديا