الكلمة لم تستعمل إلا فيما يخيل للحالم في منامه من قضاء الشهوة بما لا حقيقة له أه وهو كلام حسن ومما يشهد له في دعوى كون الحلم يستعمل عند العرب استعمال الرؤيا البيت السابق الذي أنشده المبرد كما لا يخفى وإنما قالوا (أضعاف أحلاف) بالجمع مع أن الرؤيا ما كانت إلا واحدة للمبالغة في وصف ذلك بالبطلان وهذا كما يقال: فلأن يركب الخيل ويلبس عمائم الخز لمن لا يركب إلا فرسا واحدا وماله إلا عمامة فردة وفي الفرائد لما كانت (أضغاث أحلام) مستعارة لما ذكر وهي تخاليطها وأباطيلها وهي متحققة في رؤيا واحدة بحسب أنها متركبة من أشياء كل منها حلم فكانت أحلاما قال الشهاب: وهو واه وإن استحسنه العلامة الطيبي نعم ليس هذا من إطلاق الجمع على الواحد لوجود ذلك في هذا الجنس إذ الإضافة على معنى في ثم نقل عن الرضي أنه قال في شرح الشافية إن جمع القلة ليس بأصل في الجمع لأنه لا يذكر إلا حيث يراد بيان القلة فلا يستعمل لمجرد الجمعية والجنسية كما يستعمل له جمع الكثرة يقال: فلأن حسن الثياب في معنى حسن الثوب ولا يحسن حسن الثوب وكم عندك من الثوب أو من الثياب ولا يحسن من الأثواب أه ثم قال: وقد ذكره الشريف في شرح المفتاح وهو مخالف لما ذكروه هنا فتأمله ولعل ما ذكر بعد تسليمه إنما هو في جمع القلة الذي معه جمع كثرة كما ذكره في المثال لا في ذلك وجمع القلة الذي ليس معه جمع كثرة كما هنا فأنا لم نجد في كتب اللغة جمعا لمفرد هذا الجمع غير هذا الجمع وقد ذكر غير واحد أن جمع القلة إذا لم يوجد معه جمع كثرة يستعمل استعمال جمع الكثرة ثم لا يخفى حسن موقع الأضغاث مع السنابل فيا لله در شأن التنزيل ما أبدع رياض بلاغته ((وما نحن بتأويل الأحلام (أي المنامات الباطلة (بعالمين 44 (لأنها لا تأويل لها وإنما التأويل للمنامات الصادقة وهذا إما لشيوع الأحلام في أباطيلها وإما لكون اللام للعهد والمعهود الأضغاث منها والكلام وارد على أسلوب على لا حب لا يهتدى بمناره وهو إشارة إلى كبرى قياس ساقوه للعذر عن جهلهم كأنهم قالوا هذه رؤيا باطلة وكل وؤيا كذلك لا نعلم تأويلها أي لا تأويل لها حتى نعلمه ينتج هذه رؤيا لا تأويل لها وجوز أن يكون المراد من الأحلام الرؤى مطلقا وأل فيه للجنس والكلام اعتراف منهم بقصور علمهم وأنهم ليسوا بنحارير في تأويل الرؤي مع أن لها تأويلا واختاره ابن المنير وادعى أنه الظاهر وأن قول الملك لهم أولا (إن كنتم للرؤيا تعتبرون) دليل على أنهم لم يكونوا في علمه عالمين بها لأنه أتى بكلمة الشك فجاء اعترافهم بالقصور مطابقا لشك الملك الذي أخرجه مخرج استفهامهم عن كونهم عالمين وأن الفتى: (أنا أنبئكم بتأويله) إلى قوله: (لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون) دليل على ذلك أيضا وذكر بعض المحققين أنه يشعر به عدو لهم عما وقع في كلام الملك من العبارة المعبرة عن مجرد الإنتقال من الدال إلى المدلول حيث لم يقولوا بتعبير الأحلام أو عبارتها إلى التأويل المنبيء عن التصرف والتكلف في ذلك لما بين الآيل والمآل من البعد واعترض بأنه على هذا يبقى قولهم: (أضعاف أحلام) ضائعا إذ لا دخل له في العذر وأجيب بأنه يمكن أن يكون المقصود منه إزالة خوف الملك من تلك الرؤيا فلا يبقى ضائعا وقال صاحب الكشف: إن وجه ذلك أن يجعل الأول جوابا مستقلا والثاني كذلك أي ههنا أمران: أحدهما من جانب الرائي والثاني من جانب المعبر ووجه تقدير الظرف على عامله إنا أصحاب الآراء والتدابير
(٢٥٢)