تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٩
(سبع عجاف) بالإضافة وجعله صفة للتمييز المقدر على قياس ما قبله لأن التمييز لبيان الجنس والحقيقة والوصف لا يدل عليه بل على شيء ماله حال وصفة فلذا ذكروا أن التمييز يكون باسم الجنس الجامد ولا يكون بالوصف المشتق في فصيح الكلام فتقول: عندي ثلاثون قرشيون ولا تقول قرشيين بالإضافة وأما قولك: ثلاثة فرسان وخمسة ركبان فلجريان الفارس والراكب مجرى الأسماء لاستعمالها في الأغلب من غير موصوف واعترض صاحب الفرائد بأن الأصل في العدد التمييز بالإضافة فإذا وصف السبع بالعجاف فلا بد من تقدير المضاف إليه وكل واحد من الوصف وتقدير المضاف إليه خلاف الأصل أما إذا أضيف كانت الصفة قائمة مقام الموصوف فقولنا: (سبع عجاف) في قوة قولنا: سبع بقرات عجاف فالتمييز المطلوب بالإضافة حاصل بالإضافة إلى الصفة لقيامها مقام الموصوف فكما يجوز سبع بقرات عجاف يجوز سبع عجاف وإنما لم يضف لأنه قائم مقام البقرات وهي موصوفة بعجاف فكانت من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة وهي غير جائزة إلا بتأويل وتعقب ذلك القطب بأنه هب أن الأصل في العدد التمييز بالإضافة لكن لما سبق ذكر (سبع بقرات سمان) تبين أن السبع العجاف بقرات فهذا السبع مميز بما تقدم فقد حصل التمييز بالإضافة فلو أضيف إلى العجاف لكان العجاف قائما مقام البقرات في التمييز فيكون التمييز بالوصف وهو خلاف الأصل وأما إن السبع قائم مقام البقرات فإنما يكون إذا وصف بالعجاف أما إذا أضيف بكون العجاف قائمة مقام البقرات فلا يلزم إضافة الموصوف إلى الصفة أه وفيه تأمل وذكر العلامة الطيبي في هذا المقام أنه يمكن أن يقال: إن المميز إذا وصف ثم رفع به الإبهام والإجمال من العدد آذن بأنهما مقصودان في الذكر بخلافه إذا ميز ثم وصف بل الوصف ادعى لأن المميز إنما استجلب للوصف ومن ثم ترك التمييز في القرائن الثلاث والمقام يقتضي ذلك لأن المقصود بيان الإبتلاء بالشدة بعد الرخاء وبيان الكمية بالعدد والكيفية بالبقرات تابع فليفهم ويعلم من ذلك وجه العدول إلى ما في النظم الكريم عن أن يقال: إني أرى سبع بقرات عجاف يأكلن سبعا سمانا الأخضر منه وقيل: ن التعبير بذلك بأنه أول ما رأى السمان فقد روي أنه رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس ثم خرج عقيبهن سبع بقرات عجاف فابتلعت السمان ولم يتبين عليها منهن شيء ((وسبع سنبلات خضر (قد انعقد حبها واخضر أي وسبعا أخر (يابسات (قد أدركت والتوت على الخضر حتى غلبتها ولم يبق من خضرتها شيء على ما روي ولعل عدم التعريض لذكر العدد للإكتفاء بما ذكر من حال البقرات ولا يجوز عطف أخر على سنبلات لأن العطف على المميز يقتضي أن يكون المعطوف والمعطوف عليه بيانا للمعدود سواء قيل: بالإنسحاب أو بتكرير العامل لأن المعنى على القولين لا يختلف وإنما الإختلاف في التقدير اللفظي وحينئذ يلزم التدافع في الآية لأن العطف يقتضي أن تكون السنبلات خضرها ويابسها سبعا ولفظ (أخر) يقتضي أن يكون غير السبع وذلك لأن تباينها في الوصف أعني الخضرة واليبس منطوق واشتراكهما في السنبلية فيكون مقتضى لفظ (أخر) تغايرهما في العدد ولزم التدافع وعلى هذا يصح أن تقول: عندي سبعة رجال قيام وقعود بالجر لأنك ميزت سبعة رجال موصوفين بالقيام والقعود على أن بعضهم كذا وبعضهم كذا ولا يصح سبعة رجال قيام وآخرين قعود لما علمت فالآية والمثال في هذا المبحث على وزان واحد كما يقتضيه كلام الكشاف ونظر في ذلك صاحب الفرائد فقال: إن الصحيح
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»