آن يئين إذا قرب وقيل: أصله أوان قلبت الواو ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين ورد بأن الواو قبل الألف لا تقلب كالجواد والسواد وقيل: حذفت الألف وغيرت الواو إليها كما في راح ورواح استعملوه مرة على فعل وأخرى على فعال كزمن وزمان واختلفوا في علة بنائه فقال الزجاج: بني لتضمنه معنى الإشارة لأن معناه هذا الوقت ورد بأن المتضمن معنى الإشارة بمنزلة اسم الإشارة وهو لا تدخله أل وقال أبو علي: لتضمنه معنى لام التعريف لأنه استعمل معرفة وليس علما وأل فيه زائدة وضعف بأن تضمن اسم معنى حرف اختصارا ينافي زيادة ما لا يعتد به هذا مع كون المزيد غير المضمن معناه فكيف إذا كان إياه وقال المبرد وابن السراج: لأنه خالف نظائره إذ هو نكرة في الأصل استعمل من أول وضعه باللام وبابها أن تدخل على النكرة وإليه ذهب الزمخشري ورده ابن مالك بلزوم بناء الجماء الغفير ونحوه مما وقع في أول وضعه باللام وبأنه لو كانت مخالفة الاسم لسائر الأسماء موجبة لشبه الحرف واستحقاق البناء لوجب بناء كل اسم خالف الأسماء بوزن أو غيره وهو باطل بإجماع واختار أنه نبي لشبه الحرف في ملازمة لفظ واحد لأنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر بخلاف حين ووقت وزمان ومدة ورده أبو حيان بما رد هو به على من تقدم وقال الفراء: إنما بني لأنه نقل من فعل ماض وهو آن بمعنى حان فبقي على بنائه استصحابا على حد أنهاكم عن قيل وقال ورد بأنه لو كان كذلك لم تدخل عليه أل كما لا تدخل على ما ذكر وجاز فيه الإعراب كما جاز فيه وذهب بعضهم إلى أنه معرب منصوب على الظرفية واستدل بقوله: كأنهما ملآن لم يتغيرا بكسر النون أي من الآن فحذفت النون والهمزة وجر فدل على أنه معرب وضعف باحتمال أن تكون الكسرة كسرة بناء ويكون في بناء الآن لغتان: الفتح والكسر كما في شتان إلا أن الفتح أكثر وأشهر وفي شرح الألفية لابن الصائغ أن الذي قال: إن أصله أوان يقول: بإعرابه كما أن وأنا معرب واختار الجلال السيوطي القول بإعرابه لأنه لم يثبت لبنائه علة معتبرة فهو عنده منصوب على الظرفية وإن دخلت من جر وخروجه على الظرفية غير ثابت وفي الإستدلال بالحديث السابق مقال وأياما كان فهو هنا متعلق بحصحص أي حصحص الحق في هذا الوقت (أنا راودته عن نفسه (لا أنه راودني عن نفسي وإنما قالت ذلك بعد اعترافها تأكيدا لنزاهته عليه السلام وكذا قولها: (وإنه لمن الصادقين 51 (أي في قوله حين افتريت عليه (هي راودتني عن نفسي) قيل: إن الذي دعاها لذلك كله التوخي لمقابلة الإعتراف حيث لا يجدي الإنكار بالعفو وقيل: إنها لما تناهت في حبه لم تبال بانتهاك سترها وظهور سرها وفي إرشاد العقل السليم أنها لم ترد بقولها: (الآن) الخ مجرد ظهور ما ظهر بشهادة النسوة من مطلق نزاهته عليه السلام فيما أحاط به علمهن من غير تعرض لنزاهته في سائر المواطن خصوصا فيما وقع فيه التشاجر بمحضر العزيز ولا بحث عن حال نفسها وما صنعت في ذلك بل أرادت ظهور ما هو متحقق في نفس الأمر وثبوته من نزاهته عليه السلام في محل النزاع وخيانتها ولهذا قالت: (أنا راودته) الخ وأرادت بالآن زمان تكلمها بهذا الكلام لا زمان شهادتهن أه فافهم وتأمل هل ترى فوق هذه المرتبة نزاهة حيث لم يتمالك الخصماء من الشهادة بها على أتم وجه والفضل ما شهدت به الخصماء وليت من نسب السوء وحاشاه كان عنده عشر معشار ما كان
(٢٦٠)