تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٣
* (وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى ه‍اذا غلام وأسروه بض‍اعة والله عليم بما يعملون) * * (وجاءت) * شروع فيما جرى على يوسف عليه السلام في الجب بعد الفراغ عن ذكر ما وقع بين إخوته وبين أبيه أي وجاءت إلى الجب * (سيارة) * رفقة تسير من جهة مدين إلى مصر وكان ذلك بعد ثلاثة أيام مضت من زمن القائه في قول، وقيل: في اليوم الثاني، والظاهر أن الجب كان في طريق سيرهم المعتاد.
وقيل: إنه كان في قفرة بعيدة من العمران فأخطأوا الطريق فأصابوه * (فأرسلوا) * إليه * (واردهم) * الذي يريد الماء ويستقي لهم وكان ذلك مالن بن ذعر الخزاعي.
وقال ابن عطية: الوارد هنا يمكن أن يقع على الواحد وعلى الجماعة اه‍ والظاهر الأول، والتأنيق في * (جاءت) * والتذكير في * (أرسلوا - و - واردهم) * باعتبار اللفظ والمعنى، وفي التعبير بالمجيء إيماء إلى كرامة يوسف عليه السلام عند ربه سبحانه، وحذف متعلقة وكذا متعلقة وكذا متعلق الإرسال لظعوره ولذا حذف المتعلق في قوله سبحانه: * (فأدلى دلوه) * أي أرسلها إلى الجب ليخرج الماء، ويقال: دلا الدلو إذا أخرجها ملأي، والدلو من المؤنثات للسماعية فتصغر على دلية وتجمع على أدل. ودلاء ودلى.
وقال ابن الشحنة: إن الدلو التي يستقي بها مؤنثة وقد تذكر، وأما الدلو مصدر دلوت وضرب من السير فمذكر ومثلها في التذكير والتأنيث الجب عند الفراء على ما نقله عنه محمد بن الجهم، وعن بعضهم أنه مذكر لا غير وأما البئر مؤنثة فقط في المشهور، ويقال في تضغيرها: بويرة؛ وفي جمعها آباء. وأبار. وأبؤر. وبثار، وفي الكلام حذف أي فأدلى دلوه فتدلى بها يوسف فخرج * (قال) * استئناف مبني على سؤال يقتضيه الحال.
* (ي‍ابشرى هذا غل‍ام) * نادى البشرى بشارة لنفسه أو لقومه ورفقته كأنه نزلها منزلة شخص فناداه فهو استعارة مكنية وتخييلية أي يا بشرى تعالى فهذا أوان حضورك، وقيل: المنادي محذوف كما في ياليت أي يا قومي انظروا واسمعوا بشراي، وقيل: إن هذه الكلمة تستعمل للتبشير من غير قصد إلى النداء.
وزعم بعضهم أن بشرى اسم صاحب له ناداه ليعينه على إخراجه، وروي هذا عن السدى - وليس بذاك - وقرأ غير الكوفيين - يا بشراي - بالإضافة، وأمال فتحة الراء حمزة. والكسائي، وقرأ وريش بين اللفظين.
وروي عن نافع أنه قرأ - يا بشراي - بسكون ياء الإضافة ويلزمه التقاء الساكنين عغلى غيره وحده، واعتذر بأنه أجري الوصل مجرى الوقف ونظائر ذلك كثيرة في القرآن وغيره، وقيل: جاز ذلك لأن الألف لمدها تقوم مقام الحركة، وقرأ أبو الطفيل. والحسن. وابن أبي إسحق. والجحدري * (يا بشرى) * بقلب الألف ياءا وإدغامها في ياء الاضافة - وهي لغة لهذيل. ولناس غيرهم - ومن ذلك قول أب؛ ي ذؤيب: سبقوا (هوى) وأعنقوا لهواهم * فتخرموا ولكل جنب مصرع ويقولون: يا سيدي. ومولى، و - الغلام - كثيرا ما يطلق على ما بين الحولين إلى البلوغ، وقد يطلق على الرجل الكامل كما في قول ليلى الأخيلية في الحجاج بن يوسف الثقفي. غلام إذا هز القناة سقاها والظاهر أن التنوين فيه للتغخيم، وحق له ذلك فقد كان عليه من أحسن الغلمان، وذكر البغوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعطي يوسف شطر الحسن.
وقال محمد بن إسحق: ذهب يوسف وأمه بثلثي الحسن، وحكى الثعلبي عن كعب الأحبار أنه قال: كان
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»