ومخرجا ورزقه ملك مصر من حيث لا يحتسب ثم قال عليه الصلاة والسلام: ألظوا بهؤلاء الكلمات فانهن دعاء المصطفين الاخيار " وروى غير ذلك، والروايات في كيفية إلفائه. وما قال. وما قيل له كثيرة، وقد تضمنت ما يلين له الصخر لكن ليس فيها ما له سند يعول عليه، والله تعالى أعلم * (وأوحينا إليه) * الضمير ليوسف أي أعلمناه عند ذلك تبشيرا له بما يؤول إليه أمره وإزالة لوحشته وتسلية له، وكان ذلك على ما روي عن مجاهد بالالهام؛ وقيل: بالالقاء في مبشرات المنام، وقال الضحاك. وقتادة: بارسال جبريل عليه السلام إليه والموحى إليه ما تضمنه قوله سبحانه: * (لتنبئنهم بأمرهم هاذا) * وهو بشارة له بالخلاص أيضا أي لتخلصن مما أنت فيه من سوء الحال وضيق المجال ولتخبرن إخوتك بما فعلوا بك * (وهم لا يشعرون) * بأنك يوسف لتباين حاليك: حالك هذا. وحالك يومئذ بعلو شأنك كوبرياء سلطانك وبعد حالك من أوهامهم، وقيل: لبعد العهد المبدل للهيآت المغير للاشكال والأول أدخل في التسلية، أخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما دخل إخوة يوسف على يوسف فعرفهم وهم له منكرون جيء بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن، فقال: إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف يدنيه دونكم وأنكم انطلقتم به فألقيتموه في غيابة الجب فأتيتم أباكم فقلتم: إن الذئب أكله وجئتم على قميصه بدم كذب، فقال بعضهم لبعض: إن هذا الجام ليخبره بخبركم، ثم قال ابن عباس: فلا نرى هذه الآية: * (لتنبئنهم بأمرهم) * الخ نزلت إلا في ذلك، وجوز أن يتعلق * (وهم لا يشعرون) * بالايحار على معنى أنا آنسناه بالوحي وازلنا عن قلبه الوحشة التي أورثوه إياها وهم لا يشعرون بذلك ويحسبون أنه مستوحش لا أنيس له.
وروي ذلك عن قتادة، وكان هذا الإيحاء وهو عليه السلام ابن ست عند الضحاك. واثنتي عشرة سنة أو ثماني عشرة سنة عند الحسن. وسبع عشرة سنة عند ابن السائب - وهو الذي يزعمه اليهود - وقيل غير ذلك، ومن نظر في الآيات ظهر له أن الراجح كونه عليه السلام لم يبلغ الحلم إذ ذاك، وعلى جميع الأقوال أنه عليه السلام لم يكن بالغا الأربعين عند الايحاء إليه، نعم أكثر الأنبياء عليهم السلام نبئوا في سن الأربعين وقد أوحى إلى بعضهم - كيحيى. وعيسى عليهما السلام - قبل ذلك بكثير.
وزعم بعضهم أن ضمير * (إليه) * يعود على يعقوب عليه السلام وليس بشيء كما لا يخفى، وقرأ ابن عمر رضي الله عنهما لينبئنهم بياء الغيبة وكذا في مصاحف البصرة. وقرأ سلام بالنون على أنه وعيد لهم، فقوله سبحانه: * (وهم لا يشعرون) * متعلق - بأوحينا - لا غير على ما قاله الزمخشري. ومن تبعه، ونظر فيه بأنه يجوز أن يتعلق أيضا بقوله تعالى: * (لننبئنهم) * وأن يراد بانباء الله تعالى إيصال فعلهم به عليه السلام وهم لا يشعرون بذلك، ودفع بأنه بناءا على الظاهر وأنه لا يجتمع إنباء الله تعالى مع عدم شعورهم بما أنبأهم به إلا بتأويل كتقدير لنعلمنهم بعطيم ما ارتكبوه قبل وهم لا يشعرون بما فيه.
* (وجآءوا أباهم عشآء يبكون) * * (وجاءوا أباهم عشاء) * أي في ذلك الوقت. وهو - كماقال الراغب - من صلاة المغرب إلى العتمة والعشاآن: المغرب. والعتمة.
وعن الحسن أنه قرأ - عشيا - بضم العين وفتح الشين وتشديد الياء منونا وهو تصغير عشى وهو من