تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٦٧
* (من أنبآء الرسل) * صفة لذلك المحذوف لا - لكلا - لأنها لا توصف في الفصيح كما في إيضاح المفصل، و * (من) * تبعيضية، وقيل: بيانية، وقوله عز وجل: * (ما نثبت به فؤادك) * قيل: عطف بيان - لكلا - بناءا على عدم اشتراط توافق البيان والمبين تعريفا وتنكيرا، والمعنى هو ما نثبت الخ.
وجوز إن يكون بدلا منه بدل كل أو بعض، وفائدة ذلك التنبيه على أن المقصود من الاقتصاص زيادة يقينه صلى الله عليه وسلم وطمأنينة قلبه وثبات نفسه على أداء الرسالة واحتمال أذى الكفار، وجوز أيضا أن يكون مفعول * (نقص) * * (وكلا) * حينئذ منصوب إما على المصدرية أي كل نوع من أنواع الاقتصاص * (نقص) * * (عليك) * الذي دنثبت به فؤادك) * من أنباء الرسل، وإما على الحالية من * (ما) * أو من الضمير الجرور في * (به) * على مذهب من يرى جواز تقديم حال المجرور بالحرف عليه، وهو حينئذ نكرة بمعنى جميعا أي نقص عليك من أنباء الرسل الأشياء التي نثبت بها فؤادك جميعا.
واستظهر أبو حيان كون * (كلا) * مفعولا له لنقص، و * (من أنباء) * في موضع الصفة له وهو مضاف في التقدير إلى نكرة، و * (ما) * صلة كما هي في قوله تعالى: * (قليلا ما تذكرون) * ولا يخفى ما فيه.
* (وجاءك في ه‍اذه الحق) * أي الأمر الثابت المطلق للواقع، والإشارة بهذه إلى السورة كما جاء ذلك من عدة طرق عن ابن عباس. وأبي موسى الأشعري. وقتادة. وابن جبير.
وقيل: الإشارة إليها مع نظائرها وليس بذاك ككونها إشارة إلى دار الدنيا، وإن جاء في رواية عن الحسن، وقيل: إلى الأنباء المقتصة، وهو مما لا بأس به * (وموعظة وذكرى للمؤمنين) * عطف على * (الحق) * أي جاءك الجامع المتصف بكونه حقا في نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين، ولعل تحلية الوصف الأول باللام دون الأخيرين لما قيل: من أن الأول حال للشيء في نفسه والأخيران وصفان له بالقياس إلى غيره.
وقال الشهاب: الظاهر أن يقال إنما عرف الأول لأن المراد منه ما يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم من إرشاده إلى الدعوة وتسليته بما هو معروف معهود عنده، وأما الموعظة والتذكير فأمر عام لم ينظر فيه لخصوصية، ففرق بين الوصفين للفرق بين الموصوفين، وفي التخصيص بهذه السورة ما يشهد له لأن مبناها على إرشاده صلى الله عليه وسلم على ما سمعت عن صاحب الكشف، وتقديم الظرف على الفاعل ليتمكن المؤخر عنه وروده أفضل تمكن ولأن في المؤخر نوع طول يخل تقديمه بتجاوب النظم الكريم.
* (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون) * * (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم) * أي جهتكم وحالكم التي أنتم عليها * (إنا ع‍املون) * على جهتنا وحالنا التي تحت عليها.
* (وانتظروا إنا منتظرون) * * (وانتظروا) * بنا الدوائر * (إنا منتظرون) * أي ينزل بكم نحو ما نزل بأمثالكم من الكفرة، وصيغة الأمر في الموضعين للتهديد والوعيد، والآيتان محكمتان.
وقيل: المراد الموادعة فهما منسوختان:
* (ولله غيب السم‍اوات والارض وإليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغ‍افل عما تعملون) * * (ولله غيب السم‍اوات والأرض) * أي أنه سبحانه يعلم كل ما غاب في السموات والأرض ولا يعلم ذلك أحد سواه جل وعلا * (واليه) * لا إلى غيره عز شأنه * (يرجع الأمر) * أي الشأن * (كله) * فيرجع لا محالة أمرك وأمرهم إليه، وقرأ أكثر السبعة * (يرجع) * بالبناء للفاعل من رجع رجوعا * (فاعبده وتوكل عليه) * فانه سبحانه كافيك، والفاء لترتيب الأمر بالعبادة والتوكل على كون مرجع
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»