إلا ما صح عنده ولم يقرأ بالرأي ولم يتفرد بذلك، وروي عنه أنه احتج لذلك بقولهم: مسعود، وتعقب بأنه لا حجة فيه لاحتمال أنه كان مسعود فيه، وذكر أن الفراء حكى أن هذيلا تقول: سعده الله تعالى بمعنى أسعده، وقال الجوهري: سعد بالكسر فهو سعيد مثل قولهم: سلم فهو سليم، وسعد فهو مسعود، وقال أبو نصر عبد الرحيم القشيري: ورد سعده الله تعالى فهو مسعود،. وأسعده الله تعالى فهو مسعد، وما ألطف الإشارة في - شقوا. وسعدوا - على قراءة البناء للفاعل في الأول والبناء للمفعول في الثاني، فمن وجد ذلك فليحمد الله تعالى. ومن لم يجد فلا يلومن إلا نفسه * (عطاءا غير مجذوذ) * أي غير مقطوع عنهم ولا مخترم، ومصدره الجذ، وقد جاء جذذت. وجددت بالذال المعجمة والدال كما قال ابن قتيبة، وبالمعجمة أكثر، ونصب * (عطاءا) * على المصدرية من معنى الجملة لأن قوله سبحانه: * (ففي الجنة خالدين فيها) * يقتضي إعذاءا وإنعاما فكأنهم قيل: يعطيهم إعطاءا وهو إما اسم مصدر هو الاعطاء. أو مصدر بحذف الزوائد كقوله تعالى: * (أنبتكم من الأرض نباتا) * (نوح: 17)، وقيل: هو نصب على الحالية من المفعول المقدر للمشيئة. أو تمييز، فإن نسبة مشيئة الخروج إلى الله تعالى تحتمل أن تكون على جهة عطاء مجذوذ، وعلى جهة عطاء غير مجذوذ فهو رافع للإبهام عن النسبة، ولعل النصب على المصدرية أولى وكأنه جيء بذلك اعتناءا ومبالغة في التأبيد ودفعا لما يتوهم من ظاهر الاستثناء من الانقطاع، وقيل: إن ذلك لبيان أن ثواب أهل الجنة - وهو إما نفس الدخول. أو ما هو كاللازم البين له - لا ينقطع فيعلم منه أن الاستثناء ليس للدلالة على الانقطاع كما في العقاب بل للدلالة على ترادف نعم ورضوان من الله تعالى؛ أو لبيان النقص من جانب المبدأ ولهذا فرق في النظم بين التأبيد من حيث تمم الأول بقوله سبحانه: * (إن ربك فعال لما يريد) * (هود: 107) للدلالة على أنه ينعم بعض من يعذبه ويبقى غيره كما يشاء ويختار؛ والثاني بقوله تعالى: * (إن ربك فعال لما يريد) * (هود: 107) للدلالة على أنه ينعم بعض من يعذبه ويبقى غيره كما يشاء ويختار؛ والثاني بقوله تعالى: * (عطاءا) * الخ بينانا لأن إحسانه لا ينقطع، ومن الناس من تمسك بصدر الآية أنه لا يبقى في النار أحد ولم يقل بذلك في الجنة، وتقوى مطلبه ذاك بما أخرجه ابن المنذر عن الحسن قال: قال عمر: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه، وبما أخرج إسحق بن راهويه عن أبي هريرة قال: سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ * (فأما الذين شقوا) * الآية، وأخرج ابن المنذر، وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية * (خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك) * (هود: 108) قال: وقال ابن مسعود: ليأتين عليها زمان تصفق فيه أبوابها، وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: جهنم أسرع الدارين عمرانا وأسرعهما خرابا إلى غير ذلك من الآثار.
وقد نص ابن الجوزي على وضع بعضها كخبر عن عبد الله بن عمرو بن العاص بأتي على جهنم يوم ما فيها من ابن آدم أحد تصفق أبوابها كأنها أبواب الموحدين، وأول البعض بعضها؛ ومر شيى من الكلام في ذلك، وأنت تعلم أن خلود الكفار مما أجمع عليه المسلمون ولا عبرة بالمخالف، والقواطع أكثر من أتي تحصى، ولا يقاوم واحدا منها كثير من هذه الأخبار، ولا دليل في الآية على ما يقوله المخالف لما علمته من الوجوه فيها ولا حاجة إلى دعوى النسخ فيها كما روي عن السدى بل لا يكاد يصح القول بالنسخ ي مثل ذلك، هذا وقد ذكر أن في الآية صيغة الجمع مع التفريق والتقسيم أما الجمع ففي قوله تعالى: * (يوم يأت لا تكلم نفس إلا باذنه) * (هود: 105) فإن النفس كما تقرر عامة لكونها نكرة في سياق النفي، وأما التفريق ففي قوله تعالى: * (فمنهم شقي وسعيد) * (هود: 105) وأما التقسيم ففي قوله سبحانه: * (فأما الذين شقوا) * (هود: 106) الخ ونظيرها في ذلك قول الشريف القيرواني: