تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٥١
لا يجوزون تخفيف المسكورة لا مهملة ولا معملة، وذكر بعضهم مثله وأن ما يعدها البصريون مخففة يعدها الكوفيون نافية، واستثنى منهم الكسائي فإنه وافق البصريين ومذهبهم في ذلك هو الحق، و * (كلا) * اسمها واللام هي الداخلة على خبر إن وما موصولة خبر إن، والجملة القسمية وجوابها صلة، وإلى هذا ذهب الفراء، واختار الطبري في اللام مذهبه، وفي * (ما) * كونها نكرة موصوفة، والجملة صفتها أي وإن كلا لخلق أو لفريق موفى عمله، واختار أبو علي في اللام ما اختاراه؛ وجعل الجملة القسمية خبرا وما مزيدة بين اللامين وقد عهدت زيادتها في غير ما موضع، وقرأ أبوز بكر عن عاصم بتخفيف إن وتشديد لما، وقرأ الكسائي. وأبو عمرو بعكس ذلك وتخريج القراءتين لا يخفى على من أحاط خبرا بما ذكر في تخريج القراءتين قبل، وقرأ أبى. والحسن بخلاف عنه. وأبان بن تغلب، وأن بالتخفيف كل بالرفع لما بالتشديد، وخرجت على أن ان نافية وكل مبتدأ والجملة القسمية وجوابها خبره، و * (لما) * بمعنى إلا أي ما كل إلا أقسم والله ليوفينهم، وأنكر أبو عبيدة مجيء * (لما) * بمعنى إلا في كلام العرب، وقل الفراء: إن جعلها هن بمعنى الأوجه لا نعرفه، وقد قالت العرب مع اليمين بالله: لما قمت عنا وإلا قمت عنا، وأما في غير ذلك فلم نسمع مجيئها بمعنى إلا لا في نثر ولا في شعر؛ ويلزم القائل أن يجوز قام الناس لما زيدا على معنى إلا زيدا ولا التفات إلى إنكارهما، والقراءة المتواترة في * (وآن كل لما جميع لدنيا محضرون * ((يس: 32) * (وأن كل نفس لما عليها حافظ) * (الطارق: 4) تثبت ما أنكراه.
وقد نص الخليل. وسيبويه. والكسائي على مجيء ذلك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وكون العرب خصصت مجيئها كذلك ببعض التراكيب لا يضر شيئا فكم من شيء خص بتركيب دون ما أشبه.
وقرأ الزهري. وسليمان بن أرقم * (وإن كلا لما) * بتشديد الميم والتنوين ولم يتعرضوا في النقل عنهما لتشديد أن ولا لتخفيفها، وهي في هذه القراءة مصدر من قولهم: لممت الشيء إذا جمعته كما مر ونصبها على الحالية من ضمير المفعول في * (ليوفينهم) * عند أبي البقاء وضعفه.
وقال أبو علي: إنها صفة لكل ويقدر مضافا إلى نكرة ليصح وصفه بالنكرة، وكان المصدر حينئد بمعنى اسم المفعول، وذكر الزمخشري في معنى الآية على هذه القراءة أنه وإن كلا ملمومين بمعنى مجموعين كأنه قيل: وآن كلا جميعا كقوله تعالى: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) * (الحجر: 30) وجعل ذلك الطيبي منه ميلا إلى القول بالتأكيد.
وقال ابن جنى: إنها منصوبة - بليوفينهم - على حد قولهم: قياماف لا أقومن، والتقدير توفية جامعة لا عمالهم * (ليوفينهم وخير * (إن في ذلك) * جملة القيم وجوابه، وروي أبو حاتم أن في مصحف أبي وإن من كل إلا ليوفينهم وخرج على أن أن نافية ومن زائدة.
وقرأ الأعمس نحو ذلك إلا أنه أسقط من هو حرف ابن مسعود رضي الله تعالى عنه والوجه ظاهر، قيل: وقد تضمنت هذه الجملة عدة مؤكدات من أن واللام وما إذا كانت زائدة والقسم ونون التأكيد وذلك للمبالغة في وعد الطائعين ووعيد العاصين * (إنه بما يعملون خبير) * أي أنه سبحانه بما يعمله كل فرد من المختلفين من الخير والشر عليم على أتم وجه بحيث لا يخفى عليه شيء من جلائله ودقائقه، والجملة قيل: توكيد للوعد والوعيد فانه سبحانه لما كان عالما بجميع المعلومات كان عالما بمقادير الطاعات والمعاصي وما يقتضيه كل فرد منها من الجزاء بمقتضى الحكمة وحينئد تتأتى توفية كل ذي حق حقه إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»