تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٩
في كلامهم بوجه، وجوزها بعضهم بناءا على أن الكناية لا يشترط فيها إمكان المعنى الأصلي، وتعقب بأنه عدول عن الظاهر، وتقدير المضاف أسهل منه. واللام للتوقيت، وفي المجمع أنها تدل على الغرض وأن الحكمة اقتضت التأخير ولذا عدل عن إلى * (إليها) * وفي الآية رد على الدهرية. والفلاسفة الزاعمين أنه لا انقضاء لمدة الدنيا، وهو بحث مفروغ منه.
* (يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد) * * (يوم يأت) * أي ذلك اليوم المؤخر بانقضاء أجله المضروب حسبما تقتضيه الحكمة وهو المروى عن ابن جريج، وقبل: الضمير للجزاء أيضا، وقيل: لله تعالى، وفيه من تفخيم شأن اليوم ما لا يخفى، ويعضده قراءة - وما يؤخرخ - بالياء، وتسبة الإتيان. ونحوه إليه سبحانه أتت في غير ما آية، واعترض الأول بأت التقدير عليه يوم إتيان ذلك اليوم ولا يصح لأن تعرف اليوم بالاتيان يأبى تعرف الاتيان به، ولأن إتيان اليوم لا ينفك عن يوم الاتيان فيكفي الإسناد وتلغو الإضافة، ونقل العلامة الطيبي نصا على عدم جوازه كما لا تقول: جئتك يوم بشرك، وأجيب أن كل زمان له شأن يعتبر تجدده كالعيد. والنيروز. والساعة مثلا، يجري مجرى الزماني وإن كان في نفسه زمانا فباعتبار تغاير الجهتين صحت الإضافة والإسناد كما يصح أن يقال: يوم تقوم الساعة. ويوم يأتي العيد. والعيد في يوم كذا، فالأول زمان وضميره أعني فاعل الفعل زماني، وإذا حسن مثل قوله: فسقى الغضى والساكنيه وإن هم * شبوه بين جوانحي وضلوعي فهذا أحسن، وقرأ النحويان. ونافع * (يأتي) * بإثبات الياء وصلا وحذفها وقفا، وابن كثير باثباتها وصلا ووقفا وهي ثابتة في مصحف أبي، وقرأ باقي السبعة بحذفها وصلا ووقفا، وسقطت في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه، وإثباتها وصلا ووقفا هو الوجه، ووجه حذفها في الوقف التشبيه بالفواصل، ووصلا ووقفا التخفيف كما قالوا: لا أدر ولا أبال، وذكر الزمخشري أن الاجتزاء بالكسرة عن الياء كثير في لغة هذيل، ومن ذلك قوله: كفاك ما تليق درهما * جودا وأخرى تعط بالسف الدما وقرأ الأعمش - يوم يأتون - بواو الجمع، وكذا في مصحف عبد الله أي يوم يأتي الناس. وأو أهل الموقف * (لا تكلم نفس) * أي لا تتكلم بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة، وهذا الفعل على الأظهر هو الناصب للظرف السابق.
وجوز أن يكون منصوبا بالانتهاء المضاف إلى الأجل وأن يكون مفعولا به - لا ذكر - محذوفا، وهذه الجملة في موضع الحال من ضمير اليوم، وأجاز الحوفي. وابن عطية كونها نعتا ليوم، وتعقب بأنه يقتضي أن إضافته لا تفيده تعريفا وهو ممنوع ولعل من يدعي ذلك يقول: إن الجمل بمنزلة النكرات حتى أطلقوا عليها ذلك فالاضافة إليها كالإضافة إليها * (إلا باذنه) * أي إلا باذن الله تعالى شأنه وعز سلطانه في التكلم كقوله سبحانه: * (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن) * (النبأ: 38) وهذا في موقف من مواقف ذلك اليوم، وقوله تبارك وتعالى: * (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) * (المرسلات: 35، 36) في موقف آخر من مواقفه كما أن قوله تعالى: * (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها) * (النحل: 111) في آخر منها، وروي هذا عن الحسن.
وقد ذكر غير واحد أن المأذون فيه الأجوبة الحقة والممنوع منه الأعذار الباطلة، نعم قد يؤذن فيها
(١٣٩)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الشفاعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»