الجلود وتجب منها القلوب اللهم اجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت فأصيب يوم اليمامة واستجيب دعاؤه رضي الله تعالى عنه. ومن هنا قال مجاهد: إن الطائفة تطلق على الواجد إلا الألف، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الطائفة الواحد والنفر، وقرىء * (يعف) * و * (يعذب) * بالياء وبناء الفاعل فيهما وهو الله تعالى. وقرىء * (أن تعف) * و * (تعذب) * بالتاء والبناء للمفعول. واستشكلت هذه القراءة بأن الفعل الأول مسند فيها إلى الجار والمجرور ومثله يلزم تذكيره ولا يجوز تأنيثه إذا كان المجرور مؤنثا فيقال سير على الدابة ولا يقال سيرت عليها. وأجيب بأن ذلك من الميل مع المعنى والرعاية له فلذا أنث لتأنيث المجرور إذ معنى * (نعف عن طائفة) * ترحم طائفة وهو من غرائب العربية، وقيل: لو قيل بالمشاكلة لم يبعد، وقيل: إن نائب الفاعل ضمير الذنوب والتقدير ان تعف هي أي الذنوب، ومن الناس من استشكل الشرطية من حيث هي بأنه كيف يصح أن يكون * (نعذب طائفة) * جوابا للشرط السابق ومن شرط الشرط والجزاء الاتصال بطريق السببية أو اللزوم في الجملة وكلاهما مفقود في الجملة، وقد ذكر ذلك العز بن عبد السلام في أماليه ونقله عنه العلامة ابن حجر في ذيل الفتاوي وذكر أنه لم ير أحدا نبه على الجواب عنه لكنه يعلم من سبب النزول، وتكلم بعد أن ساق الخبر بما لا يخلو عن غموض، ولقد ذكرت السؤال وأنا في عنفوان الشباب مع جوابه للعلامة المذكور لدى شيخ من أهل العلم قد حلب الدهر أشطره وطلبت منه حل ذلك فأعرض عن تقرير الجواب الذي في الذيل وأظن أن ذلك لجهله به وشمر الذيل وكشف عن ساق للجواب من تلقاء نفسه فقال: إن الشرطية اتفاقية نحو قولك: إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق وشرع في تقرير ذلك بما تضحك منه الثكلى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأجاب مولانا سري الدين: بأن الجزاء محذوف مسبب عن المذكور أي فلا ينبغي أن يفتروا أو فلا يفتروا فلا بد من تعذيب طائفة، ثم قال: فإن قيل هذا التقدير لا يفيد سببية مضمون الشرط لمضمون الجزاء. قلت: يحمل على سببيته للأخبار بمضمون الجزاء أو سببيته للأمر بعدم الاغترار قياسا على الأخبار، وقد حقق الكلام في ذلك العلامة التفتازاني عند قوله تعالى: * (قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك) * من سورة البقرة في حاشية الكشاف.
* (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون) *.
* (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) * أي متشابهون في النفاق كتشابه أبعاض الشيء الواحد، والمراد الاتحاد في الحقيقة والصورة كالماء والتراب، والآية متصلة بجميع ما ذكر من قبائحهم، وقيل: هي متصلة بقوله تعالى: * (يحلفون بالله انهم لمنكم) * والمراد منها تكذيب قولهم المذكور وإبطال له وتقرير لقوله سبحانه: * (وما هم منكم) * وما بعد من تغاير صفاتهم وصفات المؤمنين كالدليل على ذلك، و * (من) * على التقريرين اتصالية كما في قوله عليه الصلاة والسلام: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "، والتعرض لأحوال الإناث للإيذان بكمال عراقتهم في الكفر والنفاق * (يأمرون بالمنكر) * أي بالتكذيب بالنبي صلى الله عليه وسلم * (وينهون عن المعروف) * أي شهادة أن لا إله إلا الله وإلا قرار بما أنزل الله تعالى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج عن أبي العالية أنه قال: كل منكر ذكر في القرآن المراد منه عبادة الأوثان والشيطان، ولا يبعد أن يراد بالمنكر والمعروف ما يعم ما ذكر وغيره ويدخل فيه المذكور دخولا أوليا، والجملة استئناف مقرر