تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٠ - الصفحة ١١٩
ومغار * (أو مدخلا) * أي نفقا كنفق اليربوع ينجحرون فيه، وهو مفتعل من الدخول فأدغم بعد قلب تائه دالا. وقرأ يعقوب. وسهل * (مدخلا) * بفتح الميم اسم مكان من دخل الثلاثي وهي قراءة ابن أبي اسحق. والحسن، وقرأ سلمة بن محارب * (مدخلا) * بضم الميم وفتح الخاء من أدخل المزيد أي مكانا يدخلون فيه أنفسهم أو يدخلهم الخوف فيه، وقرأ أبي بن كعب * (متدخلا) * اسم مكان من تدخل تفعل من الدخول، وقرىء * (مندخلا) * من اندخل، وقد ورد في شعر الكميت ولا يدي في حميت السمن تندخل وأنكر أبو حاتم هذه القراءة وقال: إنما هي بالتاء بناء على إنكار هذه اللغة وليس بذاك * (لولوا) * أي لصرفوا وجوههم وأقبلوا. وقرىء * (لوألوا) * أي لا لتجأوا * (إليه) * أي إلى أحد ما ذكر * (وهم يجمحون) * أي يسرعون في الذهاب إليه بحيث لا يردهم شيء كالفرس الجموح وهو النفور الذي لا يرده لجام، وروي الأعمش عن أنس بن مالك أنه قرأ * (يجمزون) * بالزاي وهو بمعنى يجمحون ويشتدون، ومنه الجمازة الناقة الشديدة العدو، وأنكر بعضهم كون ما ذكر قراءة وزعم أنه تفسير وهو مردود.
والجملة الشرطية استئناف مقرر لمضمون ما سبق من أنهم ليسوا من المسلمين وأن التجاءهم إلى الانتماء إليهم إنما هو للتقية اضطرارا، وإيثار صيغة الاسقبال في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة استمرار عدم الوجدان حسبما يقتضيه المقام، ونظير ذلك - لو تحسن إلي لشكرتك - نعم كثيرا ما يكون المضارع المنفي الواقع موقع الماضي لإفادة انتفاء استمرار الفعل لكن ذلك غير مراد ههنا.
* (ومنهم من يلمزك في الصدق‍ات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) *.
* (ومنهم من يلمزك في الصدقات) * أي يعيبك في شأنها. وقرأ يعقوب * (يلمزك) * بضم الميم وهي قراءة الحسن. والأعرج، وقرأ ابن كثير * (يلامزك) * هو من الملامزة بمعنى اللمز، والمشهور أنه مطلق العيب كالهمز، ومنهم من فرق بينهما بان اللمز في الوجه والهمز في الغيب وهو المحكي عن الليث وقد عكس أيضا وأصل معناه الدفع * (فان أعطوا منها) * بيان لفساد لمزهم وأنه لا منشأ له إلا حرصهم على حطام الدنيا أي إن أعطيتهم من تلك الصدقات قدر ما يريدون * (رضوا) * بما وقع في القسمة واستحسنوا علك * (وإن لم يعطوا منها) * ذلك المقدار * (إذا هم يسخطون) * أي يفاجؤونالسخط، و * (إذا) * نابت مناب فاء الجزاء وشرط لنيابتها عنه كون الجزاء جملة اسمية، ووجه نيابتها دلالتها على التعقيب كالفاء، وغاير سبحانه بين جوابي الجملتين إشارة إلى أن سخطهم ثابت لا يزول ولا يفنى بخلاف رضاهم. وقرأ أياد بن لقيط * (إذا هم ساخطون) * والآية نزلت في ذي الخويصرة واسمه حرقوص بن زهير التميمي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم هوازن يوم حنين فقال: يا رسول الله اعدل. فقال عليه الصلاة والسلام: " ومن يعد إذا لم أعدل " فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " الحديث. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين سمعت رجلا يقول: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله تعالى فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام فذكرت ذلك له فقال: " رحمة الله تعالى على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر " ونزلت الآية.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»