ممن مارس كتبهم أو تعلمه من علمائهم ما يقضي بأن ذلك عن وحي فيكون معجزة شاهدة عليهم * (عن القرية) * أي عن خبرها وحالها وما وقع بأهلها من ثالثة الأثافي، والمراد بالسؤال عن ذلك بما يعم السؤال عن النفس وعن الأهل أو الكلام على تقدير مضاف، والمراد عن حال أهل القرية، وجوز التجوز فيها، وهي عند ابن عباس وابن جبير - إيلة - قرية بين مدين والطور.
وعن ابن شهاب هي طبرية، وقيل: مدين وهي رواية عن الحبر، وعن ابن زيد أنها مقتا بين مدين وعينونا * (التي كانت حاضرة البحر) * أي قريبة منه مشرفة على شاطئه * (إذ يعدون في السبت) * أي يظلمون ويتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم البست أو بتعظيمه، وإذ بدل من المسؤول عنه بدل اشتمال أو ظرف للمضاف المصدر، قيل: واحتمال كونه ظرفا لكانت أو حاضرة ليس بشيء إذ لا فائدة بتقييد الركون أو الحضور بوقت العدوان وضمير يعدون للأهل المقدر أو المعلوم من الكلام، وقيل: إلى القرية على سبيل الاستخدام، وقرىء * (يعدون) * بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدار ونقلت حركتها إلى العين * (ويعدون) * من الإعداد حيث كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير العبادة * (إذ تأتيهم حيتانهم) * ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل، وإلى الأول ذهب أكثر المعربين، وهو الأولى لأن السؤال عن عدوانهم أبلغ في التقريع، وحيتان جمع حوت أبدلت الواو ياءا لسكونها وانكسار ما قبلها كنون ونينات لفظا ومعنى وإضافتها إليهم باعتبار أن المراد الحيتان الكائنة في تلك الناحية التي هم فيها، وقيل: للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد في سائر أفراد الجنس من الخواص الخارقة للعادة، ولا يخفى بعده * (يوم سبتهم) * ظرف لتأتيهم أي تأتيهم يوم تعظيمهم لأمر السب، وهو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت بترك العمل والتفرغ للعبادة فيه، وقيل: اسم لليوم والإضافة لاختصاصهم بأحكام فيه، ويؤيد الأول قراءة عمرو بن عبد العزيز * (يوم اسباتهم) *، وكذا التفي الآتي * (شرعا) * أي ظاهرة على وجه الماء كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قريبة من الساحل، وهو جمع شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف، وفي الشرع معنى الإظهار والتبيين، وقيل: حيتان شرع رافعة رؤسها كأنه جعل ذلك إضهارا وتبيينا، وقيل: المعنى متتابعة ونسب إلى الضحاك، والظاهر أنها ظاهرة وهو نصب على الحال من الحيتان * (ويوم لا يسبتون) * أي لا يراعون أمر السب وهو على حد قوله: على لا حب لا يهتدي بمناره إذ المقصود انتفاء السبت والمراعاة.
وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه * (لا يسبتون) * بضم حرف المضارعة من أسبت إذا دخل في السبت كاصبح إذا دخل في الصباح، وعن الحسن أنه قرأ لا يسبتون على البناء للمفعول بمعنى لا يدخلون في السبت ولا يؤمرون فيه بما أمروا به يوم السبت، وقرىء * (لا يسبتون) * بضم الباء والظرف متعلق بقوله سبحانه: * (لا تأتيهم) * أي لا تأتيهم يوم لا يسبتون كما كانت تأتيهم يوم السبت حذرا من صيدهم لاعتيادها أحوالهم وأن ذلك لمحض تقدير العزيز العليم، وتغيير البسك حيث قدم الظرف على الفعل ولم يعكس لما أن الإتيان يوم سبتهم مظنة كما قيل: لأن يقال فماذا حالها يوم لا يسبتون؟ فقيل: يوم لا يسبتون لا تأتيهم * (كذالك نبلوهم) * أي نعاملهم معاملة المختبرين لهم ليظهر منهم ما يظهر فنؤاخذهم به، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحشار صورتها والتعجيب