تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ٨٨
يكون بدلا لأنه لا يبدل من البدل، وجوز كونه بدلا منه إذا لم يكن بدلا ونعتا إن كان كذلك أو لم يكن * (وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه) * حين استولى عليه العطش في التيه * (أن اضرب بعصاك الحجر) * تفسير لفعل الإيحاء * (فأن) * بمعنى أي، وجوز أبو البقاء كونها مصدرية * (فانبجست) * أي انفجرت كمات قال ابن عباس وزعم الطبرسي أن الانبجاس خروج الماء بقلة والانفجار خروجه بكثرة، والتعبير بهذا تارة وبالأخرى أخرى باعتبار أول الخروج وما انتهى إليه والعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي فضرب فانبجست وحذف المعطوف عليه لعدم الالباسا وللإشارة إلى سرعة الامتقال حتى كأن الإيحاء وضربه أمر واحد وأن الانبجاس بأمر الله تعالى حتى كأن فعل موسى عليه السلام لا دخل فيه.
وذكر بعض المحققين أن هذه الفاء على ما قرر فصيحة وبعضهم يقدر شرطا في الكلام فإذا ضربت فقد انبجست * (منه اثنتا عشرة عينا) * وهو غير لائق بالنظم الجليل * (قد علم كل أناس) * أي سبط، والتعبير عنهم بذلك للإيذان بكثرة كل واحد من الأسباط، وأنا إما جمع أو اسم جمع، وذكر السعد أن أهل اللغة يسمون اسم الجمع جمعا، و * (علم) * بمعنى عرف الناصب مفعولا واحدا أي قد عرف * (مشربهم) * أي عينهم الخاصة بهم، ووجه الجمع ظاهر * (وظللنا عليهم الغمام) * أي جعلنا ذلك بحيث يلقى عليهم ظله ليقيهم من حر الشمس وكان يسير يسيرهم ويسكن بإقامتهم * (وأنزلنا عليهم المن والسلوى) * أي الترنجبين والسماني فكان الواحد منهم يأخذ ما يكفيه من ذلك * (كلوا) * أي قلنا أو قائلين لهم كلوا.
* (من طيبات ما رزقناكم) * أي مستلذاته، و * (ما) * موصولة كانت أو موصوفة عبارة عن المن والسلوى * (وما ظلمونا) * عطف على محذوف للإيجاز والإشعار بأنه أمر محقق غني عن التصريح أي فظلموا بأن كفروا بهذه النعم الجليلة وما ظلمونا بذلك * (ول‍اكن كانوا أنفسهم يظلمون) * بالكفر إذ لا يتخطاهم ضرره، وتقديم المفعول لإفادة القصر الذي يقتضيه النفي السابق، وفي الكلام من التهكم والإشارة إلى تماديهم على ما هم فيه ما لا يخفى.
* (وإذ قيل لهم اسكنوا ه‍اذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئ‍اتكم سنزيد المحسنين) *.
* (وإذ قيل لهم) * معمول لا ذكر، وإيراد الفعل هنا مبنيا للمفعول جريا على سنن الكبرياء مع الإيذان بأن الفاعل غني عن التصريح أي اذكر لهم وقت قولنا لأسلافهم * (اسكنوا ه‍اذه القرية) * القريبة منكم وهي بيت المقدس أو أريجاء، والنصب مبني على المفعولية كسكنت الدار على الظرفية اتساعا والتعبير بالسكنى هنا للإيذان بأن المأمور به في البقرة الدخول بقصد الإقامة أي أقيموا في هذه القرية * (وكلوا منها) * أي مطاعمها وثمارها أو منها نفسها على أن من تبعيضية أو ابتدائية * (حيث شئتم) * أي من نواحيها من غير أن يزاحمكم أحد؛ وجيء بالواو هنا وبالفاء في البقرة لأنه قيل هناك ادخلوا ذكر التعقيب معه وهنا اسكنوا والسكنى أمر ممتد والأكر معه لا بعده، وقيل: إن إذا تفرع المسبب عن السبب اجتمعا في الوجود فيصح الاتيان بالواو والفاء، وفيه أن هذا إنما يدل على صحة العبارتين وليس السؤال عن ذلك، وذكر * (رغدا) * هناك لأن الأكل في أول الدخول يكون ألذ وبعد السكنى واعتباره لا يكون كذلك
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»