تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ٨٥
يجري، وضعف هذه الحكمة ابن الخازن وأنا لا أراها شيئا ولا أظنك تجد لها سندا يعول عليهم ولو ابتغيت نفقا في الأرض أو سلما في السماء.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: * (قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) * دون رؤيتي على ما يقوله نفاة الرؤية * (فخذ ما آتيتك) * بالتمكين * (وكن من الشاكرين) * (الأعراف: 144) بالاستقامة في القيام بحق العبودية التي لا مقام أعلا منها لا تدعني إلا بيا عبدها.
فإنه أشرف أسمائي، بالشكر تزداد النعم كما نطق بذلك الكتاب * (وكتابنا له في الألواح) * أي أظهرنا نقوش استعداده في ألواح تفاصيل وجوده من الروح والقلب العقل والفكر والخيال فظهر فيها * (من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة) * أي بعزم لتكون من ذويه * (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) * أي أكثرها نفعا وهي العزائم * (سأريكم دار الفاسقين) * (الأعراف: 145) أي عاقبة الذين لا يأخذون بذلك * (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) * (الأعراف: 146) هم الذين في مقام النفس فيكون تكبرهم حجابا لهم عن آيات الله تعالى وأما المتكبرون بالحق وهم الذي فنيت صفاتهم وظهرت عليهم صفات مولاهم فليسوا بمحجوبين ولا يعد تكبرهم مذموما لأنه ليس تكبرهم حقيقة وإنما حظهم منه كونهم مظهرا له * (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة) * (الأعراف: 147) حيث حجبوا بصفاتهم وأفعالهم حبطت أعمالهم فلا تقربهم شيئا * (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا) * صنعه لهم السامري وكان من قوم يعبدون العجل أو ممن رآهم فوقع في قلبه لسوء استعداده حبه وأضمر عبادته واختار صياغته من حليهم ليكون ميلهم إليه أتم لأن قلب الإنسان يميل حيث ماله سيما إذا كان ذهبا أو فضة، وكثير من الناس اليوم عبيد الدرهم والدينار وهما العجل المعنوي لهم وإن لم يسجدوا له وأكثر الأقوال أن ذلك العجل صار ذا لحم ودم وإليه الإشارة بقوله سبحانه: * (جسدا له خوار) * (الأعراف: 148) وفي كلام الشيخ الأكبر قدس سره أنه صار ذا روح بواسطة التراب الذي وطئه الروح الأمين ولم يصرح بكونه ذا لحم ودم * (وألقى الألواح) * أي ذهل من شدة الغضب عنها وتجافي عن حكم ما فيها ونسيان ما يستحسن من الحلم مثلا عند الغضب مما يجده كل أحد من نفسه * (وأخذ برأس أخيه) * يجره إليه ظنا أنه قصر في كفهم.
* (قال ابن أم) * (الأعراف: 150) ناداه بذلك لغلبة الرحمة عليه، وتأويل ذلك في الأنفس على ما قاله بعض المؤولين أن سامري الهوي بعد توجه موسى عليه السلام الروح لميقات مكالمة الحق اتخذ من حلى زينة الدنيا ورعونات البشرية التي استعارها بنو إسرائيل صفات القلب من قبط صفات النفس معبودا يتعجلون إليه له خوار يدعون الخلق به إلى نفسه * (ألم يروا أنه لا يكلمهم) * بما ينفعهم ولا يهديهم سبيلا إلى الحق * (اتخذوه وكانوا ظالمين) * (الأعراف: 148) حيث عدلوا عن عبادة الحق إلى عبادة غيره في نظرهم * (ولما سقط في أيديهم) * أي ندموا عند جروع موسى الروح * (قالوا لئن لم يرحمنا ربنا) * بجذبات العناية * (ويغفر لنا) * بأن يستر صفاتنا بصفاته سبحاته وتعالى: * (لنكونن من الخاسرين) * (الأعراف: 149) رأس مال هذه النشأة وهو الاستعداد * (ولما رجع موسى إلى قومه) * وهم الأوصاف الإنسانية * (غضبان) * مما عبدت صفات القلب عجل الدنيا * (أسفا) * على ما فات لها من عبادة الحق * (قال بئسما خلفتموني من بعدي) * حيث لم تسيروا سيري * (عجلتم أمر ربكم) * بالرجوع إلى الفاني من غير أمره تعالى * (وألقى الألواح) * أي ما لاح له من اللوائح الربانية عند استيلاء الغضب الطبيعي * (وأخذ برأس أخيه) * وهو القلب يجره إليه قسرا، * (قال ابن أم) * ناداه بذلك مع أنه
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»