تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٦
العبودية في مشهد الربوبية وطلب الأعواض في الخدمة وميل النفس إلى السوي من العرش إلى الثرى، والسكون في مقام الكرامات، ودعوى المقامات السامية قبل الوصول إليها. وأكبر الكبائر إثبات وجود غير وجود الله تعالى * (نكفر عنكم سيئاتكم) * أي نمح عنكم تلوناتكم بظهور نور التوحيد * (وندخلكم مدخلا كريما) * (النساء: 31) وهي حضرة عين الجمع * (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * من الكمالات التابعة للاستعدادات فإن حصول كمال شخص لآخر محال إذا لم يكن مستعدا له، ولهذا عبر بالتمني. * (للرجال) * وهم الأفراد الواصلون * (نصيب مما اكتسبوا) * بنور استعدادهم * (وللنساء) * وهم الناقصون القاصرون * (نصيب مما اكتسبن) * حسب استعدادهم * (واسألوا الله من فضله) * بأن يفيض عليكم ما تقتضيه قابلياتكم * (إن الله كان بكل شيء عليما) * (النساء: 32) ومن جملة ذلك ما أنتم عليه من الاستعداد فيعطيكم ما يليق بكم * (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) * أي ولكل قوم جعلناهم موالي نصيب من الاستعداد يرثون به مما تركه والداهم - وهما الروح والقلب - والأقربون - وهم القوى الروحانية - * (والذين عقدت أيمانكم) * وهم المريدون * (فآتوهم نصيبهم) * من الفيض على قدر نصيبهم من الاستعداد * (إن الله كان على كل شيء شهيدا) * (النساء: 33) إذ كل شيء مظهر لاسم من أسمائه * (الرجال قوامون على النساء) * أي الكاملون شأنهم القيام بتدبير الناقصين والإنفاق عليهم من فيوضاتهم * (بما فضل الله بعضهم على بعض) * بالاستعداد * (وبما أنفقوا في سبيل الله) * تعالى وطريق الوصول إليه من أموالهم أي قواهم أو معارفهم * (فالصالحات) * للسلوك من النساء بالمعنى السابق * (قانتات) * مطيعات لله تعالى بالعبادات القالبية * (حافظات للغيب) * أي القلب عن دنس الأخلاق الذميمة، ولعله إشارة إلى العبادات القلبية * (بما حفظ الله) * لهم من الاستعداد * (واللاتي تخافون نشوزهن) * ترفعهن عن الانقياد إلى ما ينفعهن * (فعظوهن) * بذكر أحوال الصالحين ومقاماتهم فإن النفس تميل إلى ما يمدح لها غالبا * (واهجروهن في المضاجع) * أي امنعوا دخول أنوار فيوضاتكم إلى حجرات قلوبهن ليستوحشن فربما يرجعن عن ذلك الترفع * (واضربوهن) * بعصي القهر إن لم ينجع ما تقدم فيهن * (فإن أطعنكم) * بعد ذلك ورجعن عن الترفع والأنانية * (فلا تبغوا عليهن سبيلا) * بتكليفهن فوق طاقتهن وخلاف مقتضى استعدادهن * (إن الله كان عليا كبيرا) * (النساء: 34) ومع هذا لم يكلف أحدا فوق طاقته وخلاف مقتضى استعداده * (وإن خفتم) * أيها المرشدون الكمل * (شقاق بينهما) * أي بين الشيخ والمريد * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) * فابعثوا متوسطين من المشايخ والسالكين * (إن يريدا إصلاحا) * ويقصداه * (يوفق الله) * تعالى * (بينهما) * (النساء: 35) وهمة الرجال تقلع الجبال. ويمكن أن يكون الرجال إشارة إلى العقول الكاملة والنساء إشارة إلى النفوس الناقصة، ولا شك أن العقل هو القائم بتدبير النفس وإرشادها إلى ما يصلحها، ويراد من الحكمين حينئذ ما يتوسط بين العقل والنفس من القوى الروحانية * (واعبدوا الله) * بالتوجه إليه والفناء فيه * (ولا تشركوا به شيئا) * مما تحسبونه شيئا وليس بشيء إذ لا وجود حقيقة لغيره سبحانه * (وبالوالدين) * الروح والنفس اللذين تولد بينهما القلب أحسنوا * (إحسانا) * فاستفيضوا من الأول وتوجهوا بالتسليم إليه وزكوا الثاني وطهروا برديه * (وبذي القربى) * وهم من يناسبكم بالاستعداد الأصلي والمشاكلة الروحانية * (واليتامى) * المستعدين المنقطعين عن نور الأب وهو الروح بالاحتجاب * (والمساكين) * العاملين الذين لا حظ لهم من المعارف ولذا سكنوا عن السير وهم الناسكون * (والجار ذي القربى) * القريب من مقامك في السلوك * (والجار الجنب) * البعيد مقامه عن مقامك * (والصاحب بالجنب) *
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»