كثر دوره، وقد أجاز يونس حذف النون من هذا الفعل أيضا في مثل قوله:
فإن لم (تك) المرآة أبدت وسامة * فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم وسيبويه يدعي أن ذلك ضرورة، وقرأ ابن كثير * (حسنة) * بالرفع على أن * (تك) * تامة أي وإن توجد أو تقع * (حسنة) *.
* (يضاعفها) * أضعافا كثيرة حتى يوصلها - كما مر عن أبي هريرة - إلى ألفي ألف حسنة، وعنى التكثير لا التحديد، والمراد يضاعف ثوابها لأن مضاعفة نفس الحسنة بأن تجعل الصلاة الواحدة صلاتين مثلا مما لا يعقل، وإن ذهب إليه بعض المحققين، وما في الحديث - من أن تمرة الصدقة يربيها الرحمن حتى تصير مثل الجبل - محمول على هذا للقطع بأنها أكلت، واحتمال إعادة المعدوم بعيد، وكذا كتابة ثوابها مضاعفا، وهذه المضاعفة ليست هي المضاعفة في المدة عند الإمام لأنها غير متناهية، وتضعيف غير المتناهي محال بل المراد أنه تعالى يضعفه بحسب المقدار، مثلا يستحق على طاعته عشرة أجزاء من الثواب فيجعله عشرين جزءا أو ثلاثين أو أزيد، وقيل: هي المضاعفة بحسب المدة على معنى أنه سبحانه لا يقطع ثواب الحسنة في المدد الغير المتناهية لا أنه يضاعف جل شأنه مدتها ليجيء حديث محالية تضعيف ما لا نهاية، وجعل قوله تعالى: * (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * على هذا - عطفا لبيان الأجر المتفضل به، وهو الزيادة في المقدار إثر بيان الأجر المستحق وهو إعطاء مثله واحدا بعد واحد إلى أبد الدهر، وتسمية ذلك أجرا من مجاز المجاورة لأنه تابع للأجر مزيد عليه، وعلى الأول جعله البعض واردا على طريقة عطف التفسير على معنى يضاعف ثواب تلك الحسنة بإعطاء الزائد عليه من فضله، وزعموا أن القول بالأجر المستحق مذهب المعتزلة ولا يتأتى على مذهب الجماعة - وليس بشيء - لأن الجماعة يقولون بالاستحقاق أيضا لكن بمقتضى الوعد الذي لا يخلف، وبه يكون الأجر الموعود به كأنه حق للعبد كما أنه يكون كذلك أيضا بمقتضى الكرم كما قيل: وعد الكريم دين، نعم حمل الأجر على ما ذكر لا يخلو عن بعد، والداعي إليه عدم التكرار، وقال الإمام أيضا: " إن ذلك التضعيف يكون من جنس اللذات الموعود بها في الجنة، وأما هذا الأجر العظيم الذي يؤتيه من لدنه فهو اللذة الحاصلة عند الرؤية والاستغراق في المحبة والمعرفة... وبالجملة فذلك التضعيف إشارة إلى السعادات الجسمانية، وهذا الأجر إشارة إلى السعادات الروحانية "، ولا يخلو عن حسن، و - لدن - بمعنى عند، وفرق بينهما بعضهم بأن لدن أقوى في الدلالة على القرب، ولذا لا يقال: لدي مال إلا وهو حاضر بخلاف عند، وتقول: هذا القول عندي صواب، ولا تقول: لدي ولدني - كما قاله الزجاج - ونظر فيه بأنه شاع استعمال لدن في غير المكان كقوله تعالى: * (من لدنا علما) * (الكهف: 65) اللهم إلا أن يخرج ما قاله الزجاج مخرج الغالب، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب وابن جبير - يضعفها - بتضعيف العين وتشديدها، والمختار عند أهل اللغة والفارسي أنهما بمعنى، وقال أبو عبيدة: ضاعف يقتضي مرارا كثيرة، وضعف يقتضي مرتين، ورد بأنه عكس اللغة لأن المضاعفة تقتضي زيادة الثواب فإذا شددت دلت البنية على التكثير فيقتضي ذلك تكرير المضاعفة، وقد تقدم من الكلام ما ينفعك فتذكر..
* (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هاؤلاء شهيدا) *.
* (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد) * الفاء فصيحة، و (كيف) محلها إما الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف، وإما النصب بفعل محذوف على التشبيه بالحال - كما هو رأي سيبويه - أو على التشبيه بالظرف