وقولوا لهن اتقين الله وارجعن عما أنتن عليه، وظاهر الآية ترتب هذا على خوف النشوز وإن لم يقع وإلا لقيل نشزن، ولعله غير مراد ولذا فسر في " التيسير " * (تخافون) * بتعلمون، وبه قال الفراء - كما نقله عنه الطبرسي - وجاء الخوف بهذا كما في " القاموس "، وقيل: المراد: تخافون دوام نشوزهن أو أقصى مراتبه كالفرار منهم في المراقد. واختار في " البحر " في الكلام مقدرا وأصله: واللاتي تخافون نشوزهن ونشزن فعظوهن، وهو خطاب للأزواج وإرشاد لهم إلى طريق القيام عليهن. * (واهجروهن في المضاجع) * أي مواضع الاضطجاع، والمراد: أتركوهن منفردات في مضاجعهن فلا تدخلونهن تحت اللحف ولا تباشروهن فيكون الكلام كناية عن ترك جماعهن، وإلى ذلك ذهب ابن جبير، وقيل: المراد أهجروهن في الفراش بأن تولوهن ظهوركم فيه ولا تلتفتوا إليهن، وروي ذلك عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه ولعله كناية أيضا عن ترك الجماع، وقيل: المضاجع المبايت أي أهجروا حجرهن ومحل مبيتهن، وقيل: * (في) * للسببية أي أهجروهن بسبب المضاجع أي بسبب تخلفهن عن المضاجعة، وإليه يشير كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما أخرجه عنه ابن أبي شيبة من طريق أبي الضحى، فالهجران على هذا بالمنطق، قال عكرمة: بأن يغلظ لها القول، وزعم بعضهم أن المعنى أكرهوهن على الجماع واربطوهن من هجر البعير إذا شده بالهجار، وتعقبه الزمخشري بأنه من تفسير الثقلاء، وقال ابن المنير: " لعل هذا المفسر يتأيد بقوله تعالى: * (فإن أطعنكم) * فإنه يدل على تقدم إكراه في أمر ما، وقرينة (المضاجع) ترشد إلى أنه الجماع، فإطلاق الزمخشري لما أطلقه في حق هذا المفسر من الإفراط " انتهى، وأظن أن هذا لو عرض على الزمخشري لنظم قائله في سلك ذلك المفسر، ولعد تركه من التفريط؛ وقرىء (في المضطجع) و (المضجع).
* (واضربوهن) * يعني ضربا غير مبرح - كما أخرجه ابن جرير عن حجاج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفسر غير المبرح بأنت لا يقطع لحما ولا يكسر عظما. وعن ابن عباس أنه الضرب بالسواك ونحوه، والذي يدل عليه السياق والقرينة العقلية أن هذه الأمور الثلاثة مترتبة فإذا خيف نشوز المرأة تنصح ثم تهجر ثم تضرب إذ لو عكس استغنى بالأشد عن الأضعف، وإلا فالواو لا تدل على الترتيب وكذا الفاء في * (فعظوهن) * لا دلالة لها على أكثر من ترتيب المجموع، فالقول بأنها أظهر الأدلة على الترتيب ليس بظاهر، وفي " الكشف " الترتيب مستفاد من دخول الواو على " أجزئه " مختلفة في الشدة والضعف مترتبة على أمر مدرج، فإنما النص هو الدال على الترتيب. هذا وقد نص بعض أصحابنا أن للزوج أن يضرب المرأة على أربع خصال وما هو في معنى الأربع ترك الزينة والزوج يريدها وترك الإجابة إذا دعاها إلى فراشه وترك الصلاة في رواية والغسل، والخروج من البيت إلا لعذر شرعي، وقيل: له أن يضربها متى أغضبته، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه فإذا غضب على واحدة منا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها، ولا يخفى أن تحمل أذى النساء والصبر عليهن أفضل من ضربهن إلا لداع قوي، فقد أخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت الصديق رضي الله تعالى عنه قالت: " كان الرجال نهوا عن ضرب النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلى بينهم وبين ضربهن، ثم قال: " ولم يضرب خياركم " وذكر الشعراني قدس سره " أن الرجل إذا ضرب زوجته ينبغي أن لا يسرع في جماعها بعد الضرب " وكأنه أخذ ذلك مما أخرجه الشيخان وجماعة عن عبد الله بن زمعة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: