ويتلو الآية، والظاهر العموم، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سلوا الله تعالى من فضله فإن الله تعالى يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج " وقال ابن عيينة: لما يأمر سبحانه بالمسألة إلا ليعطي * (إن الله بكل شيء عليما) * ولذلك فضل بعض الناس على بعض حسب مراتب استعداداتهم وتفاوت قابلياتهم. ويحتمل أن يكون المعنى أنه تعالى لم يزل ولا يزال عليما بكل شيء فيعلم ما تضمرونه من الحسد ويجازيكم عليه..
* (ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والاقربون والذين عقدت أيمانكم فااتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شىء شهيدا) *.
* (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون) * لا بد فيه من تقدير مضاف إليه أي لكل إنسان أو لكل قوم، أو لكل مال أو تركة وفيه على هذا وجوه ذكرها الشهاب نور الله تعالى مرقده: الأول: أنه على التقدير الأول معناه لكل إنسان موروث جعلنا موالي أي وراثا مما ترك وهنا تم الكلام، فيكون * (مما ترك) * متعلقا بموالي أو بفعل مقدر، و * (موالي) * مفعول أولا - لجعل - بمعنى صير، و * (لكل) * هو المفعول الثاني له قدم عليه لتأكيد الشمول ودفع توهم تعلق الجعل ببعض دون بعض، وفاعل * (ترك) * ضمير (كل (، ويكون * (الوالدان) * مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل: ومن الوارث؟ فقيل: هم الوالدان والأقربون، والثاني: أن التقدير لكل إنسان موروث جعلنا وراثا مما تركه ذلك الإنسان، ثم بين ذلك الإنسان بقوله سبحانه: * (الوالدان) * كأنه قيل: ومن هذا الإنسان الموروث؟ فقيل: الوالدان والأقربون وإعرابه كما قبله غير أن الفرق بينهما أن * (الوالدان والأقربون) * في الأول: وارثون، وفي الثاني: موروثون، وعليهما فالكلام جملتان، والثالث: أن التقدير ولكل إنسان وارث - مما تركه الوالدان والأقربون جعلنا موالي - أي موروثين، - فالمولى - الموروث و (الوالدان) مرفوع ب * (ترك) * و (ما) بمعنى من، والجار والمجرور صفة (ما) أضيفت إليه كل، والكلام جملة واحدة، والرابع: أنه على التقدير الثاني معناه، ولكل قوم جعلناهم موالي نصيب - مما تركه والداهم وأقربوهم -، فلكل خبر نصيب المقدر مؤخرا وجعلناهم صفة قوم؛ والعائد الضمير المحذوف الذي هو مفعول جعل، وموالي: إما مفعول ثان أو حال و * (مما ترك) * صفة المبتدأ المحذوف الباقي صفته كصفة المضاف إليه وحذف العائد منها. ونظيره قولك: لكل من خلقه الله تعالى إنسانا من رزق الله تعالى، أي لكل واحد خلقه الله تعالى إنسانا نصيب من رزق الله تعالى، والخامس: أنه على التقدير الثالث معناه: لكل مال أو تركة مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالي أي وراثا يلونه ويحوزونه، ويكون * (لكل) * متعلقا - بجعل - و * (مما ترك) * صفة كل، واعترض على الأول والثاني بأن فيهما تفكيك النظم الكريم مع أن المولى يشبه أن يكون في الأصل اسم مكان لا صفة فكيف تكون (من) صلة له؟ وأجيب عن هذا بأن ذلك لتضمنه معنى الفعل كما أشير إليه على أن كون المولى ليس صفة مخالف لكلام الراغب فإنه قال: إنه بمعنى الفاعل والمفعول أي الموالي والموالى لكن وزن مفعل في الصفة أنكره قوم، وقال ابن الحاجب في " شرح المفصل ": إنه نادر، فإما أن يجعل من النادر أو مما عبر عن الصفة فيه باسم المكان مجازا لتمكنها وقرارها في موصوفها، ويمكن أن يجعل من باب المجلس السامي، واعترض على الثالث بالبعد وعلى الرابع بأن فيه حذف المبتدأ الموصوف بالجار والمجرور وإقامته مقامه وهو قليل، وبأن لكل قوم من الموالي جميع ما ترك الوالدان والأقربون لا نصيب وإنما النصيب لكل فرد، وأجيب عن الأول بأنه ثابت مع قلته كقوله تعالى: * (وما منا إلا له مقام معلوم) * (الصافات: 164) * (ومنا دون ذلك) * (الجن؛ 11)؛