حديث مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس مكفرة لما بينها ما اجتنبت الكبائر " ووجهه أن الصلوات إذا كفرت لم يبق ما يكفره غيرها فلم يتحقق مضمون الآية، وأجيب عنه بأجوبة أصحها - على ما قاله الشهاب - إن الآية والحديث بمعنى واحد لأن قوله صلى الله عليه وسلم فيه: " ما اجتنبت " الخ دال على بيان الآية لأنه إذا لم يصل ارتكب كبيرة وأي كبيرة فتدبر * (وندخلكم مدخلا) * الجمهور على ضم الميم، وقرأ أبو جعفر ونافع بفتحها، وهو على الضم إما مصدر ومفعول * (ندخلكم) * محذوف أي ندخلكم الجنة إدخالا، أو مكان منصوب على الظرف عند سيبويه، وعلى أنه مفعول به عند الأخفش، وهكذا كل مكان مختص بعد دخل فيه الخلاف، وعلى الفتح قيل: منصوب بمقدر أي ندخلكم فتدخلون مدخلا ونصبه كما مر، وجوز كونه كقوله تعالى: * (أنبتكم من الأرض نباتا) * (نوح: 17) ورجح حمله على المكان لوصفه بقوله سبحانه: * (كريما) * أي حسنا، وقد جاء في القرآن العظيم وصف المكان به فقد قال سبحانه، * (ومقام كريم) * (الشعراء: 58)..
* (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنسآء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شىء عليما) *.
* (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * قال القفال: لما نهى الله تعالى المؤمنين عن أكل أموال الناس بالباطل وقتل الأنفس عقبه بالنهي عما يؤدي إليه من الطعم في أموالهم، وقيل: نهاهم أولا عن التعرض لأموالهم بالجوارح، ثم عن التعرض لها بالقلب على سبيل الحسد لتطهر أعمالهم الظاهرة والباطنة، فالمعنى؛ ولا تتمنوا ما أعطاه الله تعالى بعضكم وميزه به عليكم من المال والجاه وكل ما يجري فيه التنافس، فإن ذلك قسمة صادرة من حكيم خبير وعلى كل من المفضل عليهم أن يرضى بما قسم له ولا يتمنى حظ المفضل ولا يحسده لأن ذلك أشبه الأشياء بالاعتراض على من أتقن كل شيء وأحكمه ودبر العالم بحكمته البالغة ونظمه. وأظلم خلق الله من بابت (حاسدا) * لمن بات في نعمائه يتقلب وإلى هذا الوجه ذهب ابن عباس وأبو عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقد روي عنهما في الآية لا يقل أحدكم ليت ما أعطي فلان من المال والنعمة والمرأة الحسناء كان عندي فإن ذلك يكون حسدا ولكن ليقل: اللهم أعطني مثله، ويفهم من هذا أن التمني المذكور كناية عن الحسد، وجعل بعضهم المقتضي للمنع عنه كونه ذريعة للحسد ولكل وجهة، وزعم البلخي أن المعنى لا يجوز للرجل أن يتمنى أن لو كان امرأة ولا للمرأة أن لو كانت رجلا لأن الله تعالى لا يفعل إلا ما هو الأصلح فيكون قد تمنى ما ليس بأصلح، ونقل شيخ الإسلام أنه لما جعل الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء: نحن أحوج لأن يكون لنا سهمان وللرجال سهم واحد لأنا ضعفاء وهم أقوياء وأقدر على طلب المعاش منا فنزلت، ثم قال: وهذا هو الأنسب بتعليل النهي بقوله:
* (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) * فإنه صريح في جريان التمني بين فريقي الرجال والنساء، ولعل صيغة المذكر في النهي لما عبر عنهن بالبعض، والمعني لكل من الفريقين في الميراث نصيب معين المقدار مما أصابه بحسب استعداده، وقد عبر عنه بالاكتساب على طريقة الاستعارة التبعية المبنية على تشبيه اقتضاه حاله لنصيبه باكتسابه إياه تأكيدا لاستحقاق كل منهما لنصيبه وتقوية لاختصاصه بحيث لا يتخطاه إلى غيره فإن ذلك ما يوجب الانتهاء عن التمني المذكور انتهى، وهذا المعنى الذي ذكره للآية مروي عن ابن