وقرىء (نصليه) بالتشديد، و (نصليه) بفتح النون من صلاه لغة كأصلاه، ويصليه بالياء التحتانية والضمير لله عز وجل، أو لذلك، والاسناد مجازى من باب الاسناد إلى السبب.
* (وكان ذالك) * أي إصلاؤه النار يوم القيامة * (على الله يسيرا) * هينا لا يمنعه منه مانع ولا يدفعه عنه دافع ولا يشفع فيه إلا بإذنه شافع، وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتربية المهابة وتأكيد استقلال الاعتراض التذييلي..
* (إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) *.
* (إن تجتنبوا) * أي تتركوا جانبا * (كبائر ما تنهون) * أي ينهاكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم * (عنه) * أي عن ارتكابه مما ذكر ومما لم يذكر، وقرىء (كبير) على إرادة الجنس فيطابق القراءة المشهورة، وقيل: يحتمل أن يراد به الشرك * (نكفر) * أي نغفر ونمحو واختيار ما يدل على العظمة بطريق الالتفات تفخيم لشأن ذلك الغفران، وقرىء (يغفر) - بالياء التحتانية * (عنكم) * أيها المجتنبون * (سيئاتكم) * أي صغائركم كما قال السدي، واختلفوا في حد الكبيرة على أقوال: الأول: أنها ما لحق صاحبها عليها بخصوصها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة، وإليه ذهب بعض الشافعية، والثاني: أنها كل معصية أوجبت الحد، وبه قال البغوي وغيره، والثالث: أنها كل ما نصب الكتاب على تحريمه أو وجب في جنسه حد، والرابع: أنها كل جريرة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة وبه قال الإمام، والخامس: أنها ما أوجب الحد أو توجه إليه الوعيد، وبه قال الماوردي في " فتاويه "، والسادس: أنها كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه، وحكي ذلك بتفصيل مذكور في محله عن الحليمي، والسابع: أنها كل فعل نص الكتاب على تحريمه بلفظ التحريم، وقال الواحدي: الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفها العباد به، وإلا لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاء أن تجتنب الكبائر، ونظير ذلك إخفاء الصلاة الوسطى وليلة القدر وساعة الإجابة انتهى.
وقال شيخ الإسلام البارزي: التحقيق أن الكبيرة كل ذنب قرن به وعيد أو حد أو لعن بنص كتاب أو سنة، أو علم أن مفسدته كمفسدة ما قرن به وعيد أو حد أو لعن أو أكثر من مفسدته، أو أشعر بتهاون مرتكبه في دينه إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها بذلك كما لو قتل معصوما فظهر أنه مستحق لدمه، أو وطيء امرأة ظانا أنه زان بها فإذا هي زوجته أو أمته، وقال بعضهم: كل ما ذكر من الحدود إنما قصدوا به التقريب فقط وإلا فهي ليست بحدود جامعة، وكيف يمكن ضبط ما لا مطمع في ضبطه؟ وذهب جماعة إلى ضبطها بالعد من غير ضبطها بحد، فعن ابن عباس وغيره أنها ما ذكره الله تعالى من أول هذه السورة إلى هنا؛ وقيل: هي سبع، ويستدل له بخبر " الصحيحين " " اجتنبوا السبع الموبقات الشرك بالله تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات "، وفي رواية لهما " الكبائر الإشراك بالله تعالى والسحر وعقوق الوالدين وقتل النفس ". زاد البخاري