" واليمين الغموس " ومسلم بدلها " وقول الزور " والجواب أن ذلك محمول على أنه صلى الله عليه وسلم ذكره قصدا لبيان المحتاج منها وقت الذكر لا لحصره الكبائر فيه - وممن صرح بأن الكبائر سبع - علي كرم الله تعالى وجهه وعطاء وعبيد بن عمير، وقيل: تسع لما أخرجه علي بن الجعد عن ابن عمر أنه قال حين سئل عن الكبائر: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هن تسع الإشراك بالله تعالى وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياءا وأمواتا " ونقل عن ابن مسعود أنها ثلاث؛ وعنه أيضا أنها عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: خمس عشرة، وقيل: أربع، وروى عبد الرزاق عن ابن عباس أنه قيل له: هل الكبائر سبع؟ فقال: هي إلى السبعين أقرب، وروى ابن جبير أنه قال له: هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبع غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار، وأنكر جماعة من الأئمة أن في الذنوب صغيرة وقالوا: بل سائر المعاصي كبائر منهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني والقاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين في " الإرشاد ". وابن القشيري في " المرشد " بل حكاه ابن فورك عن الأشاعرة، واختاره في " تفسيره " فقال: معاصي الله تعالى كلها عندنا كبائر، وإنما يقال لبعضها: صغيرة وكبيرة بالإضافة، وأول الآية بما ينبو عنه ظاهرها، وقالت المعتزلة: الذنوب على ضربين: صغائر وكبائر؛ وهذا ليس بصحيح انتهى، وربما ادعى في بعض المواضع اتفاق الأصحاب على ما ذكره واعتمد ذلك التقى السبكي، وقال القاضي عبد الوهاب: لا يمكن أن يقال في معصية إنها صغيرة إلا على معنى أنها تصغر عند اجتناب الكبائر، ويوافق هذا القول ما رواه الطبراني عن ابن عباس لكنه منقطع أنه ذكر عنده الكبائر فقال: " كل ما نهى الله تعالى عنه فهو كبيرة "، وفي رواية " كل ما عصي الله تعالى فيه فهو كبيرة " - قاله العلامة ابن حجر - وذكر أن جمهور العلماء على الانقسام، وأنه لا خلاف بين الفريقين في المعنى، وإنما الخلاف في التسمية، والإطلاق لإجماع الكل على أن من المعاصي ما يقدح في العدالة، ومنها ما لا يقدح فيها وإنما الأولون فروا من التسمية فكرهوا تسمية معصية الله تعالى صغيرة نظرا إلى عظمة الله تعالى وشدة عقابه وإجلالا له عز وجل عن تسمية معصيته صغيرة لأنها إلى باهر عظمته تعالى كبيرة وأي كبيرة. ولم ينظر الجمهور إلى ذلك لأنه معلوم بل قسموها إلى قسمين - كما يقتضيه صرائح الآيات والأخبار - لا سيما هذه الآية وكون المعنى: - إن تجتنبوا كبائر ما نهيتم عنه في هذه السورة من المناكح الحرام وأكل الأموال وغير ذلك مما تقدم نكفر عنكم ما كان من ارتكابها فيما سلف، ونظير ذلك من التنزيل * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (الأنفال: 38) - بعيد غاية البعد، ولذلك قال حجة الإسلام الغزالي: لا يليق إنكار الفرق بين الصغائر والكبائر وقد عرفتا من مدارك الشرع، نعم قد يقال لذنب واحد: كبير وصغير باعتبارين لأن الذنوب تتفاوت في ذلك باعتبار الأشخاص والأحوال، ومن هنا قال الشاعر: لا يحقر الرجل الرفيع دقيقة * في السهو فيها للوضيع معاذر (فكبائر) الرجل الصغير (صغائر) وصغائر الرجل الكبير كبائر قال سيدي ابن الفارض قدس سره: ولو خطرت لي في سواك إرادة * على خاطري سهوا حكمت بردتي وأشار إلى التفاوت من قال: حسنات الأبرار سيئات المقربين، هذا وقد استشكلت هذه الآية مع ما في
(١٨)