من قومه فسبوه، وقال طعمة: أتخونوني فانطلقوا يطلبونها في داره فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع فقال طعمة: أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له: ينضح عني ويكذب حجة اليهود، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أن يفعل فأنزل الله تعالى الآية فلما فضح الله تعالى طعمة بالقرآن هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه ونزل على الحجاج بن علاط السلمي فنقب بيته وأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقعة جلود كانت عنده فنظر فإذا هو بطعمة فقال: ضيفي وابن عمي أردت أن تسرقني؟! فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا وأنزل الله تعالى فيه * (ومن يشاقق) * (النساء: 115) الخ، وعن عكرمة أن طعمة لما نزل فيه القرآن ولحق بقريش ورجع عن دينه وعدا على مشربة للحجاج سقط عليه حجر فلحج فلما أصبح أخرجوه من مكة فخرج فلقي ركبا من قضاعة فعرض لهم فقالوا: ابن سبيل منقطع به فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق فرجعوا في طلبه فأدركوه فقذفوه بالحجارة حتى مات، وعن ابن زيد أنه بعد أن لحق بمكة نقب بيتا يسرقه فهدمه الله تعالى عليه فقتله، وقيل: إنه أخرج فركب سفينة إلى جدة فسرق فيها كيسا فيه دنانير فأخذ وألقى في البحر. هذا وفي تأكيد الحكم إيذان بالاعتناء بشأنه كما أن في إسناد الإنزال إلى ضمير العظمة تعظيما لأمر المسند، وتقديم المفعول الغير الصريح للاهتمام والتشويق، وقوله سبحانه: * (بالحق) * في موضع الحال أي إنا أنزلنا إليك القرآن متلبسا بالحق * (لتحكم بين الناس) * برهم وفاجرهم * (بما أراك الله) * أي بما عرفك وأوحى به إليك، و (ما) موصولة والعائد محذوف وهو المفعول الأول - لأرى - وهي من رأى بمعنى عرف المتعدية لواحد وقد تعدت لاثنين بالهمزة، وقيل: إنها من الرأي من قولهم: رأى الشافعي كذا وجعلها علمية يقتضي التعدي إلى ثلاثة مفاعيل وحذف اثنين منها أي بما أراكه الله تعالى حقا وهو بعيد، وإما جعلها - من رأى البصرية مجازا - فلا حاجة إليه * (ولا تكن للخائنين) * وهم بنو أبيرق أو طعمة ومن يعينه، أو هو ومن يسير بسيرته، واللام للتعليل، وقيل: بمعنى عن أي لا تكن لأجلهم أو عنهم * (خصيما) * أي مخاصما للبرآء، والنهي معطوف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم كأنه قيل: إنا أنزلنا إليك الكتاب فاحكم به ولا تكن الخ، وقيل: عطف على * (أنزلنا) * بتقدير قلنا، وجوز عطفه على الكتاب لكونه منزلا ولا يخفى أنه خلاف الظاهر جدا..
* (واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما) *.
* (واستغفر الله) * مما قلت لقتادة أو مما هممت به في أمر طعمة وبراءته لظاهر الحال، وما قاله صلى الله عليه وسلم لقتادة، وكذا الهم بالشيء خصوصا إذ يظن أنه الحق ليس بذنب حتى يستغفر منه لكن لعظم النبي صلى الله عليه وسلم - وعصمة الله تعالى له وتنزيهه عما يوهم النقص وحاشاه - أمره بالاستغفار لزيادة الثواب وإرشاده إلى التثبت وأن ما ليس بذنب مما يكاد يعد حسنة من غيره إذا صدر منه عليه الصلاة والسلام بالنسبة لعظمته ومقامه المحمود يوشك أن يكون كالذنب فلا متمسك بالأمر بالاستغفار في عدم العصمة كما زعمه البعض، وقيل: يحتمل أن يكون المراد: واستغفر لأولئك الذين برءوا ذلك الخائن * (إن الله كان غفورا رحيما) * مبالغا في المغفرة والرحمة لمن استغفره، وقيل: لمن استغفر له..
* (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) *.
* (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) * أي يخونونها وجعلت خيانة الغير خيانة لأنفسهم لأن وبالها وضررها عائد عليهم، ويحتمل أنه جعلت المعصية خيانة فمعنى * (يختانون أنفسهم) *